فإن أخبركم بذلك فهو نبى فاتبعوه ، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقوّل ، فاصنعوا فى أمره ما بدا لكم (١). فنزل قول الحق سبحانه :
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً. إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً ، فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً. ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) [الكهف : ٩ ـ ١٢]
فهذا إخبار من المولى عزوجل عن قصة أصحاب الكهف على سبيل الإجمال والاختصار ، ثم بسطها بعد ذلك ، يقول تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ) يا محمد (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) أى ليس أمرهم عجيبا فى قدرتنا وسلطاننا ، فإن خلق السموات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، وتسخير الشمس والقمر والكواكب ، وغير ذلك من الآيات العظيمة الدالة على قدرة الله تعالى ، وأنه على ما يشاء قادر ، ولا يعجزه شىء ، أعجب من أخبار أصحاب الكهف.
قال مجاهد : أى قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك.
وقال ابن عباس : الذى آتيتك من العلم والسنة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم.
والرقيم .. هو الحجر الذى رقّم عليه أنه رمز لمأواهم ، ليكونوا عبرة ، وليكونوا دليلا ناطقا على الإيمان بالبعث والنشور ، وإن الذين يجحدون بهما يرونهما عيانا فيهم ، إذ بعثهم الله سبحانه وتعالى ، وقد حسبوا أنهم مضى عليهم يوم أو بعض يوم.
__________________
(١) انظر السيرة النبوية ، وابن كثير فى تفسيره لسورة الكهف ، وانظر تفسير الطبرى فى تفسير السورة.