رجل ممن يبيع الطعام ، فدفع إليه ما معه من النقود ، وسأله أن يبيعه بها طعاما ، فلما رآها ذلك الرجل أنكرها ، وأنكر ضربها ، فدفعها إلى جاره ، وجعلوا يتداولونها بينهم ، ويقولون .. لعل هذا وجد كنزا ، فسألوه عن أمره ، ومن أين له هذه النقود ، لعله وجدها من كنز ، وممن أنت؟ .. فجعل يقول : أنا من أهل هذه البلدة ، وعهدى بها عشية أمس ، وفيها دقيانوس ، فنسبوه إلى الجنون ، فحملوه إلى ولىّ أمرهم ، فسأله عن شأنه ، وخبره ، حتى أخبره بأمره ، وهو متحيّر فى حاله ، وما هو فيه.
فلما أعلمهم بذلك قاموا معه إلى الكهف ـ ملك البلد وأهلها ـ حتى انتهى بهم إلى الكهف ، فقال لهم دعونى حتى أتقدمكم فى الدخول لأعلم أصحابى ، فدخل ، فيقال إنهم لا يدرون كيف ذهب فيه ، وأخفى الله عليهم خبره.
ويقال : بل دخلوا عليهم ورأوهم ، وسلم عليهم الملك ، واعتنقهم ـ وكان مسلما فيما قيل ، واسمه «تندوسيس» ففرحوا به وآنسوا بالكلام ، ثم ودّعوه وسلموا عليه ، وعادوا إلى مضاجعهم ، وتوفاهم الله عزوجل.
فقوله سبحانه : (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ ..) الآية ـ أى كما أرقدناهم وأيقظناهم بهيآتهم ، أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها ، إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) فى أمر القيامة ، فمن مثبت لها ، ومن منكر ، فجعل الله ظهورهم على أصحاب الكهف حجة لهم وعليهم. (فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ) أى سدوا عليهم باب كهفهم وذروهم على حالهم.