١ ـ التفسير التحليلى
فى هذا اللون من التفسير ، يمضى المفسر فى تفسيره للقرآن مع النظم القرآنى ، على ما هو موجود مرتب فى المصحف ، محللا آية بعد آية ، وسورة بعد سورة ، متتبعا معانى المفردات ، ذاكرا ما تضمنته المعانى فى جملها ، وما ترمى إليه فى تراكيبها ، منقبا عن المناسبات بين مفاصلها ، ذاكرا وجه الربط بين مقاصدها مستعينا على الوصول إلى ما تهدف إليه ، وتدل عليه ، بذكر أسباب النزول ، وما أثر عن النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ، أو نقل عن صحابته والتابعين. وقد يضيف المفسر إلى ذلك ما تستلهمه قريحته ، أو توصله إليه ثقافته اللغوية والنحوية والفقهية.
وهذا اللون من التفسير ـ يتفاوت فيه المفسرون بين الإطناب والإيجاز ، كما يتباينون من حيث المنهج.
فمنهم من التزم فى تفسيره النقل عن السلف ، مازجا بين ما نقل عن الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصحابته وتابعيه ، وقد التزم بذلك تماما ، وحرم على نفسه أن يأتى بمعنى من عنده مستحدث ، وتمسك بذلك ، حتى وضع الحواجز بين العقل والقرآن ، ومنع غيره من التفكير فى القرآن ، واتجاهاته. وحرم القرآن من أن تبرز مكنوناته ، وأن يفيض على العقول بكشف مستوراته ، وقد فاته .. أن ذلك القرآن نزل ليكون مورد كل عصر ، ومعين كل مصر ، ومهيعا واسعا للفكر ، ومجالا خصيبا للبحث والنظر.
ومن هؤلاء المفسرين القدماء ، من أفسح لنفسه المجال فى أن يكون مؤرخا ، يشبع نهمه من البحث التاريخى ، ويملأ رغبته من الجانب القصصى. بيد أن بعض هؤلاء المفسرين أسرفوا فى حشو تفسيرهم بالقصص الخرافية ، والأساطير القديمة ، بالإضافة إلى أمور وأخبار ليس لها سند صحيح من نقل ،