(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ. قُلْ : لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) [الأنعام : ٤٨ ـ ٥٠]
هذه الآيات تسلط الأضواء كاملة على معنى الرسالة ، ثم علاقة الرسالة بالذين توجه إليهم ، إنها تبشير وإنذار ، ولكنها تترك الحرية لضمير الآخرين ، إن شاءوا آمنوا ، وإن شاءوا لم يؤمنوا ـ إن شاءوا أصلحوا وعند ذلك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وإن شاءوا كذبوا فسيلقون جزاءهم ..
ثم تتحدى الآية هؤلاء المكذبين لتوضيح جوانب كثيرة من طبيعة الرسالة .. فالنبى لا يملك خزائن الله ، وهو لا يعلم الغيب ، وليس ملكا ، وإنما هو متّبع لما يوحى إليه ..
الرسول لا يملك غير ذلك ، ولهذا أكدت آيات كثيرة الأمر بالتبليغ ثم تنتهى مسئوليته ...
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) [المائدة : ٦٧]
(ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ)
[المائدة : ٩٩]
(وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) [العنكبوت : ١٨]
هذه طبيعة الرسالة التى تحملها الرسول ـ يبذل كل جهده فى تبليغ رسالة ربه ، ثم يتركهم وضميرهم بعد أن يوضح لهم طريق الخير ، وطريق الشر ، وسواء عليه بعد ذلك آمنوا أو لم يؤمنوا ، فإن الله غنى عن العالمين.