ومن كان منهم عدوّا معاندا حسده وأنكر ما جاء به ، وقال كما أخبر الله تعالى :
(قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)
[الفرقان : ٥]
وقال الله تعالى تكذيببا لهم وتصديقا للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم :
(قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الفرقان : ٦]
الحكمة الثانية : أنه إنما قصّ عليه القصص ليكون له أسوة وقدوه بمكارم أخلاق الرسل والأنبياء المتقدمين والأولياء الصالحين ـ فيما أخبر الله تعالى عنهم ، وأثنى عليهم ، ولتنتهى أمته عن أمور عوقبت أمم الأنبياء بمخالفتها إليها ، واستوجبوا من الله ـ بذلك ـ العذاب والعقاب ، فيتمم الله بذلك معالى الأخلاق ، فلما امتثل أمر الله تعالى ، واستعمل أدب الأنبياء ، أثنى الله عليه ، فقال سبحانه وتعالى :
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم : ٤]
الحكمة الثالثة : أنه إنما يقص عليه القصص تثبيتا له ، وإعلاما بشرفه ، وشرف أمته ، وعلو أقدارهم ، وذلك أنه لما نظر إلى أخبار الأمم قبله ، علم أنه عوفى هو وأمته من كثير مما أمتحن الله به الأنبياء والأولياء ، وخفف الله عنهم فى الشرائع ، ورفع عنهم الأثقال والأغلال ، التى على الأمم الماضية ، كما قال بعض المفسرين ، فى تفسير قوله تعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً)
[لقمان : ٢٠]
فأما النعمة الظاهرة ، فهى تخفيف الشرائع ، وأما الباطنة ، فهى تضعيف الصنائع.