سذاجتها ، التى كانت هناك ، لقد تغيّر فهمى لها ، فعدت الآن أجد مراميها وأغراضها ، وأعرف أنها مثل يضرب ، لا حادث يقع ، ولكن سحرها ما يزال ، وجاذبيتها ما يزال ..» (١)
«لقد بدأت البحث ، ومرجعى الأول فيه هو المصحف ، لأجمع الصور الفنية فى القرآن ، وأستعرضها ، وأبين طريقة التصوير فيها ، والتناسق الفنى فى إخراجها ، فبرزت لى حقيقة واحدة هى :
«أن الصور فى القرآن ليست جزءا منه يختلف عن سائره ، إن التصوير هو قاعدة التعبير فى هذا الكتاب الجميل ، القاعدة الأساسية المتبعة فى جميع الأغراض ، فيما عدا غرض التشريع بطبيعة الحال ، فليس البحث إذن عن صور تجمع وترتب ، ولكن عن قاعدة تكشف وتبرز.
وعلى هذا الأساس قام البحث ، وكل ما فيه إنما هو عرض لهذه القاعدة ، وتشريح لظواهرها ، وكشف عن هذه الخاصية فى التعبير القرآنى».
«وحين انتهيت من التحضير للبحث ، وجدتنى أشهد فى نفسى مولد القرآن من جديد ، لقد وجدته كما لم أعهده من قبل أبدا ، لقد كان القرآن جميلا فى نفسى ، نعم.! ، ولكن جماله كان أجزاء وتفاريق ، أما اليوم ، فهو عندى جملة موحدة ، تقوم على قاعدة خاصة ، قاعدة فيها من التناسق العجيب ، ما لم يكن أحلم من قبل به ، وما لا أظن أحدا تصوّره».
إن تفسير الشيخ سيد قطب ، وإن كان قد اهتم اهتماما كبيرا بإبراز الصور الفنية ، والقيم الجمالية ، إلا أنه اهتم أيضا بالموضوعات القرآنية ، فأبرزها من خلال تحليله وتناوله للصور الفنية ، فكان يربط بين الموضوعات ،
__________________
(١) التصوير الفنى ص ٨