وقد نصّ ـ رحمهالله ـ على أن الغرض الأول من أغراض التفسير ، قبل بيان الأحكام والعقائد والأخلاق «هو النظر فى القرآن ، من حيث هو كتاب العربية الأكبر ، وأثرها الأدبى الأعظم ، فهو الكتاب الذى أخلد العربية ، وحمى كيانها ، وخلد معها فصار فخرها ، وزينة تراثها ، وتلك صفة للقرآن يعرفها العربى مهما يختلف به الدين ، أو يفترق به الهوى ، ما دام شاعرا بعربيته ، مدركا أن العروبة أصله فى الناس ، وجنسه بين الأجناس ، وسواء بعد ذلك أكان العربى مسيحيا أم وثنيا ، أم كان طبيعيا دهريا لا دينيا ، أم كان المسلم المتحنف ، فإنه سيعرف بعروبته منزلة هذا الكتاب ، ومكانته فى اللغة ، دون أن يقوم ذلك على شىء من الإيمان بصفة دينية للكتاب ، أو تصديق خاص بعقيدة فيه» (١)
أما عن منهجه فى التفسير .. فقد أوضحته تلميذته القديرة ، الدكتورة عائشة عبد الرحمن ، حيث تقول فى مقدمة كتابها (٢).
والأصل فى منهج التفسير الأدبى ـ كما تلقيته عن شيخى ـ هو التناول الموضوعى ، الذى يفرغ لدراسة الموضوع الواحد فيه ، فيجمع كل ما فى القرآن عنه ، ويهتدى بمألوف استعماله للألفاظ والأساليب ، بعد تحديد الدلالة اللغوية لكل ذاك ، وهو منهج يختلف تماما عن الطريقة المعروفة فى تفسير القرآن سورة سورة ، يؤخذ اللفظ ، أو الآية ، مقتطعا من سياقه العام فى القرآن كله ، مما لا سبيل معه إلى الاهتداء إلى الدلالة القرآنية لألفاظه ، أو استجلاء ظواهره الأسلوبية ، وخصائصه البيانية ، وقد طبق بعض الزملاء هذا المنهج تطبيقا ناجحا فى موضوعات قرآنية ، اختاروها لرسائل الماجستير والدكتوراة ، وأتجه بمحاولتى اليوم ، إلى تطبيق المنهج فى بعض سور قصار ، ملحوظ فيها وحدة الموضوع ،
__________________
(١) مناهج تجديد للأستاذ أمين الخولى ص ٣٣
(٢) التفسير البيانى للقرآن الكريم ص ١٤ طبع دار المعارف