فضلا عن كونها من السور المكية ، حيث العناية بالأصول الكبرى للدعوة الإسلامية ، وقصدت بهذا إلى توضيح الفرق بين الطريقة المعهودة فى التفسر ، وبين منهجنا الحديث ، الذى يتناول النص القرآنى فى جوّه الإعجازى ، ويلتزم فى دقة بالغة ، قولة السلف «القرآن يفسر بعضه بعضا» وقد قالها المفسرون ثم لم يبلغوا منها مبلغا ، ويحرر مفهومه من كل العناصر الدخيلة. والشوائب المقحمة على أصالتها البيانية».
هذا ما ذكرته الدكتورة عائشة عبد الرحمن ، عن منهج شيخها ، وهو المنهج عينه الذى انتهجته فى دراستها القيمة (التفسير البيانى) حيث قدمت تفسيرا رائعا فى التحليل والتطبيق ، لبعض قصار السور.
وهذا المنهج فى التفسير ، هو ما ارتضاه الشيخ محمود شلتوت ـ رحمهالله ـ فى تفسيره الفقهى ، حيث يقول عن طريقته :
«فهى أن يعمد المفسر أولا إلى جمع الآيات ، التى وردت فى موضوع واحد ، ثم يضعها أمامه كمواد يحللها ، ويفقه معانيها ، ويعرف النسبة بين بعضها وبعض ، فيتجلى له الحكم ، ويتبيّن المرمى ، الذى ترمى إليه الآيات الواردة فى الموضوع ، وبذلك يضع كل شىء موضعه ، ولا يكره آية على معنى لا تريده ، كما لا يغفل عن مزية من مزايا الصوغ الإلهى الحكيم ، وهذه الطريقة فى نظرنا هى الطريقة المثلى ، وخصوصا فى التفسير الذى يراد إذاعته على الناس ، بقصد إرشادهم إلى ما تضمن القرآن من أنواع الهداية ، وإلى أن موضوعات القرآن ، ليست نظريات بحتة ، يشتغل بها الناس من غير أن يكون لها مثل واقعية ، فيما يحدث للأفراد والجماعات من أقضية ، ويتصل بحياتهم من شئون» (١)
__________________
(١) الإسلام والعلاقات الدولية ص ١٠