لقد كانت جهود هؤلاء العلماء ، تتجه إلى تفسير القرآن الكريم ـ وفقا للمنهج الموضوعى ، الذى يجعل من القرآن الكريم كله وحدة واحدة ، يتصل أوله بآخره ، وآياته ببعضها ، رغم اختلاف مواضعها وسورها فى القرآن ، فكان هذا التفسير الموضوعى أوسع وأرحب ، لأن عناصره كثيرة ، تشمل القرآن الكريم من أوله إلى آخره ، المهم وحدة الموضوع المدروس ، الذى يفسّر ، ويحلل ويدرس
من هنا كانت الوحدة الموضوعية شاملة واسعة ، تمد جوانب الموضوعات بالكثير من العناصر ، التى توضح الغرض ، وتفى بالموضوع ، وتسهل فهمه وتناوله.
بيد أن هناك جهودا أخرى بذلت ـ فى إطار التفسير الموضوعى ، ولكنها لم تتخذ من القرآن كله مادة لخدمة الموضوع ، وإنما تناولت السورة القرآنية ، بوصفها لحمة متلاحمة ، يفسر أولها آخرها ، وتوضح آياتها الغرض الأسمى ، الذى من أجله نزلت ، ومن أجله جمعت فى إطار محدّد بين دفتى السورة ، فهنا يكون التفسير الموضوعى محددا بأغراض السورة ، ومناسبات نزول الآيات فيها ، وما جاء فيها من موضوعات ، تفسر فى إطار السورة ، ولا تخرج عنها إلا قليلا ..
ومن أبرز من قام بمثل هذا التفسير الموضوعى فى إطار السورة ، أستاذان جليلان ، وعالمان كبيران هما : الأستاذ الدكتور محمد خلف الله أحمد والأستاذ الدكتور شوقى ضيف وكلاهما أستاذ جامعى ، بذل جهدا مشكورا فى إحياء الدراسات البيانية للقرآن الكريم ، ووجّه طلابه إلى دراسة التطور التاريخى للدراسات القرآنية ، فى ظلال ما حفلت به المكتبة القرآنية من تراث يتطلب التحليل ، كما وجههم إلى دراسة النصوص القرآنية ، فى ظل ما تمخضت عنه العلوم الحديثة من ثمار يانعة فى حقول النقد والبلاغة ، وعلوم النفس