سلطان ـ بل فيه إثبات الوحدانية أمام الذين يدّعون ألوهية المسيح ـ عليهالسلام.
واقرأ قصة عيسى ، فإن فيها الدليل على أنه ليس إلّا عبدا لله تعالى ، ولقد قال الحق سبحانه فى ذلك :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ، وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ، إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ ، وَرُوحٌ مِنْهُ ..) الآيات (١)
ونرى من هذا أن ذكر قصة عيسى ، أو ذكر جزء منها ، اقترن ببيان وحدانية الله ، وإثبات بطلان أن الله تعالى ثالث ثلاثة ، وساق الدليل ، وهو أن الله تعالى خالق كل شىء ، وله ما فى السموات والأرض ، وصلة كل مخلوق كمثيله ، وإن اختلف طريق غيره ، فصلة المسيح ـ عليهالسلام ـ بالله من حيث الخلق والتكوين كصلته بأى مخلوق سواه ، ولا يؤثر فى هذه الصلة التكوينية أنه عبد ممتاز ، وأنه رسول من رب العالمين ، وإن كانت طريقة تكوينه أنه وجد من غير أب ، فإن ذلك لا يجعله إلها أو ابن إله.
وإنه مما جاء فى القصص ، أن دعوة النبيين ـ عليهم الصلاة وأتم السلام ـ جاءت للخير إلى حسن التعامل ، وإصلاح الأرض ، وأن إصلاح الأعمال والنفوس ومنع الفساد فى الأرض ، من أعظم المقاصد فى الشرائع السماوية بعد عبادة الله تعالى ، والإيمان باليوم الآخر ، وإذا كان ذلك ضمن قصة ، استمكنت فى النفس ، واتجهت إلى مداخلها من غير تعويق من ملاحاة جديدة ، غير ما كان فى عهد النبى الذى ذكرته القصة.
__________________
(١) سورة النساء الآيات ١٧١ ، ١٧٢