إذا فقد أرسل الله رسله إلى أمم شتّى ، فى أنحاء الأرض ، وأوحى إليهم أن يكونوا هادين ومبشّرين ومنذرين ، لئلا يكون للناس على الله حجة ، فيقولوا ربنا لو لا أرسلت إلينا رسولا.
هؤلاء هم رسل الله ، وهذه هى مواطنهم.
* ولقد تحدث القرآن ، وخص قوما منهم بأنهم (أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) فقال : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف : ٣٥]
وقد حدد القرآن ماهيتهم ، وبيّن عددهم وأسماءهم ، جاء ذلك فى قول الحق سبحانه : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) [الأحزاب : ٧] ، فكاف الخطاب فى قوله تعالى (ومنك) تعنى محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهو إمام الأنبياء والمرسلين. ومقدّم لفظا وفضلا ، ويأتى بعده أربعة منهم ، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، وهم مرتّبون فى الفضل والزمن ، فنوح أولهم ، وعيسى ابن مريم آخرهم ، فصلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ويقول سبحانه فى تفضيل أولى العزم :
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى) [الشورى : ٧]
* ولقد شاء رب العزة ، أن يمجّد أنبياءه ورسله ، وأن يرفع من قدرهم ، فجعل الإيمان بالله مقترنا بالإيمان بالرسل .. أى أن الإيمان بالله لا يكون تاما إلا إذا ارتبط به الإيمان بالرسل .. أو بمعنى آخر. شاء الله أن يجعل الإيمان بالرسل جزءا من عقيدة التوحيد ، عقيدة الإسلام ، فألزم عباده المؤمنين الموحدين بالإيمان برسله ، حتى يكون إيمانهم كاملا شاملا.