فهذه العبارة ـ من العهد الجديد ـ صريحة الدلالة على التبشير بالنبى صلىاللهعليهوسلم ، فهو الذى صحّح أوضاع العالم ، وهو الذى بعث والعالم يسبح فى بحور الفساد والضلال ، والشرور والوثنية ، وهو ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ الذى جاء بعد رفع عيسى ابن مريم ـ يدعو إلى رب السموات والأرض.
وهذا ما أكده القرآن العظيم فى قول الحق سبحانه :
(وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ ، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ ، وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ، فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) [الصف : ٦]
* هذا وقد أقرّ علماء أهل الكتاب بنبوّة المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وشهدوا على ذلك .. فقد سجل القرآن الكريم «شهادة اليهود» فى أكثر من موضع :
من مثل قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الشعراء : ١٩٧]
ففى هذا القول لوم وتوبيخ للعرب المشركين ، الذين لم يؤمنوا برسالة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مع وجود آية عظيمة تدل على صدق نبوته ، وثبوت رسالته ، وهى معرفة علماء بنى إسرائيل وشهادتهم له بأنه نبى الله ، وما جاء به هو من عند الله.
وقوله سبحانه : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) [البقرة : ١٤٦ ، ١٤٧]
فقد نصت هذه الآية ـ أن الذين أوتوا الكتاب ـ التوراة والإنجيل ـ يعرفون نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم. وصدقه فيها ، معرفة مثل معرفتهم لأولادهم ، كما أخبرت أن فريقا كبيرا منهم يكتمون الحق بعد معرفتهم له ، وإن لم يؤمنوا برسالة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعد معرفتهم لها تمام المعرفة.