ريح يوسف أو قوله لا تيأسوا من روح الله ، فالمفعول محذوف وما بعده كلام مستأنف أو المفعول قوله (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [٩٦] من حيوة يوسف وإن الله يجمع بيننا.
وروي : أنه قال للبشير : كيف يوسف؟ قال إنه ملك مصر؟ فقال يعقوب : ما أصنع بالملك؟ على أي دين تركته؟ قال : على دين الإسلام ، قال : الآن تمت النعمة (١).
(قالُوا) أي أولاد يعقوب بعد الاجتماع عنده (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) [٩٧] أي مذنبين.
(قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ (٩٩))
(قالَ) لهم يعقوب (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) قال أهل التفسير هو اخر الدعاء لهم إلى السحر ليعتمد به وقت الإجابة ، وهو الوقت الذي يقول الله تعالى هل من داع فأستجيب له ، وقيل : «هو ليلة الجمعة وقت السحر موافق ليلة عاشوراء» (٢) ، وقيل : «معناه سوف أستغفر لكم ربي بعد أن أسأل يوسف أن يغفر عنكم» (٣)(إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [٩٨] لمن تاب وأطاع.
روي : أن يعقوب لما انتهى إلى الموعد قام إلى الصلوة بالسحر ، فلما فرغ منها رفع يديه إلى الله تعالى ، ثم قال : اللهم اغفر لي جزعي على يوسف وقلة صبري عنه واغفر لولدي ما أتوا إلى أخيهم يوسف فأوحى الله إليه أني قد غفرت لك ولهم أجمعين (٤) ، وقيل : «كان يستغفر لهم كل ليلة جمعة في نيف وعشرين سنة» (٥) ، ويوسف وإخوته خلفه يؤمنون أذلة خاشعة حتى بلغ جهدهم ، وظنوا أنهم الهلكة إذ نزل جبريل عليهالسلام فقال : إن الله قد أجاب دعوتك وتاب على ولدك وعقد مواثيقهم على النبوة بعدك.
وروي : أن يوسف كان بعث مع البشير إلى يعقوب مائتي راحلة وجهازا كثيرا ليأتوا بيعقوب وأهله وولده فاستعد يعقوب للخروج إلى مصر فخرجوا وهم اثنان وسبعون من بين رجل وامرأة ، وكانوا لما خرجوا من مصر مع موسي هاربين من فرعون ستمائة ألف وسبعين ألفا سوى الذرية والهرمى ، فلما دنوا من مصر خرج يوسف والملك الأكبر بأربعة آلاف من الجند وعظماء المصريين يتلقون يعقوب وقد كان يعقوب يمشي متكئا على يهوذا ، فنظر إلى الناس والخيل ، فقال : يا يهوذا هذا فرعون مصر؟ قال : هذا ابنك ، فلما دنا كل واحد منهما من الآخر ذهب يوسف يبدؤه بالسلام ، فقال جبريل : لا حتى يبدأ يعقوب بالسلام ، فقال يعقوب : السّلام عليك يا مذهب الأحزان (٦).
وروي أن يوسف نزل في قبة ضربت في الصحراء من قباب الملوك التي تحمل على البغال ، فأمر أن يرفع إليه أبواه فدخلا عليه القبة وتعانقا فيها وبكيا وقربهما منه ، وقال : يا أبت بكيت حتى ذهب بصرك ألم تعلم أن القيامة يجمعنا؟ قال : بلى يا بني ولكني خشيت أن يسلب دينك فيحال بيني وبينك (٧) ، فذلك قوله تعالى (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) أي في القبة المضروبة (آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) أي ضمهما إلى نفسه بالاعتناق والتقريب منه ، قيل : أراد بأبويه يعقوب وخالته ليا (٨) ، وكانت أمه ماتت في نفاس بنيامين ، وهو الأكثر ، وقيل : هو وأمه ، وكانت حية وهو الأظهر (٩) ، وقيل : إن الله أحيى أمه حتى جاءت مع يعقوب إلى مصر (١٠)(وَقالَ) يوسف بعد ما قالوا من القبة فجاؤا إلى قريب من مصر (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) [٩٩] على تقدير إن شاء الله دخلتم آمنين ، فحذف الجزاء لدلالة الكلام عليه و (آمِنِينَ) حال من ضمير (ادْخُلُوا) ، والجملة الاستثنائية اعتراض بينهما ، والمعنى :
__________________
(١) أخذه عن البغوي ، ٣ / ٣٢٥.
(٢) عن طاوس ، انظر البغوي ، ٣ / ٣٢٥.
(٣) عن الشعبي ، انظر البغوي ، ٣ / ٣٢٥.
(٤) نقله عن البغوي ، ٣ / ٣٢٥.
(٥) عن وهب ، انظر البغوي ، ٣ / ٣٢٥.
(٦) اختصره المصنف من البغوي ، ٣ / ٣٢٥.
(٧) نقله عن البغوي ، ٣ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٨) أخذه المفسر عن البغوي ، ٣ / ٣٢٦.
(٩) هذا مأخوذ عن البغوي ، ٣ / ٣٢٦.
(١٠) نقله المؤلف عن البغوي ، ٣ / ٣٢٦.