هادٍ) [٧] أي لكل أمة نبي يرشدهم إلى الله ودينه ، وأنت مثلهم في الدعوة والنصح وما عليك إلا الاتيان بما يصح به نبوتك وهو حاصل بكل آية تأتيك ، إذ الآيات كلها سواء في ذلك أو لكل قوم الله هاد يهديهم إن شاء أو أنت منذر وهاد لكل قوم يا محمد بالدعوة إلى الحق.
(اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨))
ثم أومى إلى أن الهداية والضلالة من الله ، لأنه خالق بعلمه لا يعلم أهلهما إلا هو بقوله (اللهُ) أي الهادي هو الله ، تفسير ل (هادٍ) ، ثم استؤنف فقيل (١)(يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) من ذكر وأنثى وتام الخلق وناقصه ، واحد أو اثنين أو أكثر (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) أي وما تنقص من تسعة أشهر في الحمل ، من غاض الماء إذا نقص (وَما تَزْدادُ) على التسعة الأشهر في الحمل ، فنقصان الأرحام وضعها لأقل من تسعة أشهر ، وزيادتها وضعها لأكثر من تسعة أشهر إلى سنتين عند أبي حنيفة رحمهالله وإلى أربع عند الشافعي وإلى خمس عند مالك (٢).
روي : أن الضحاك ولد لسنتين (٣) ، وقال أحمد بن سلمة : «إنما سمي هرم بن حيان عرما ، لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين» (٤) ، وقيل : النقصان السقط والزيادة تمام الخلق ، وأقل مدة الحمل ستة أشهر فقد يولد الولد لهذه المدة ويعيش (٥) ، وقيل : النقصان ضعف الولد لحيض أمه حاملا ، والزيادة خلافه (٦) ، وقيل : قلة الحمل وكثرته فقد تحمل المرأة بأربعة في بطن واحد ويعيشون (٧) ، ويروى : أن شريك بن عبد الله من فقهاء المدينة كان رابع أربعة في بطن أمه (٨) ، وقيل : قلة الحيض وكثرته (٩)(وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) [٨] أي كل شيء في علمه مقدر معين بحد لا يتجاوزه ولا يقصر عنه.
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩))
قوله (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) بيان لذلك ، أي هو يعلم ما غاب عن خلقه ويعلم ما شاهدوه (الْكَبِيرُ) أي العظيم الذي كل شيء دونه (الْمُتَعالِ) [٩] بالياء وتركها (١٠) ، أي المستعلي على كل شيء بعلمه وقدرته ، ويجوز أن يكون (عالِمُ) مبتدأ ، خبره (الْكَبِيرُ).
(سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١))
ثم بين علمه بقوله (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) أي يستوي عند الله من أخفى القول منكم ومن أظهر (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) أي مستتر بظلمة الليل (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) [١٠] عطف على (مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ) لئلا يلزم كون الوصفين لواحد أو عطف عليه على تأويل (مِنْ) في معنى الاثنين ، أي ومن هو ذاهب في سربه ، أي في طريقه ومتصرفه في حوائجه بضوء النهار ، السرب بفتح السين وسكون الراء الطريق ، أشار بذلك أن الجهر والإسرار في علمه تعالى سواء ، فهو الفارق بين علمه تعالى وبين علم غيره ، والضمير في (لَهُ) ل (مِنْ) ، أي
__________________
(١) أي الهادي هو الله تفسير لها ثم استؤنف فقيل ، ب س : ثم استأنف فقيل إن الهادي هو الله تفسير الهادي ، م.
(٢) اختصره المفسر من الكشاف ، ٣ / ١٠٠ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٣ / ٣٤٠.
(٣) أخذه عن الكشاف ، ٣ / ١٠٠.
(٤) انظر البغوي ، ٣ / ٣٤٠ ؛ والكشاف ، ٣ / ١٠٠. روي أن الضحاك ولد لسنتين وقال أحمد بن سلمة إنما سمي هرم بن حيان هرما لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين ، ب س : ـ م.
(٥) أخذه المصنف عن البغوي ، ٣ / ٣٤٠. قال أحمد بن سلمة إنما سمي هرم بن حيان هرما لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين ، + ب م.
(٦) اختصره من البغوي ، ٣ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠.
(٧) لعل المفسر اختصره من الكشاف ، ٣ / ١٠٠.
(٨) نقله المصنف عن الكشاف ، ٣ / ١٠٠.
(٩) لعله اختصره من الكشاف ، ٣ / ١٠٠.
(١٠) «المتعال» : أثبت الياء ابن كثير ويعقوب في الحالين وحذفها الباقون كذلك. البدور الزاهرة ، ١٦٩.