(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣))
(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) وهو ملك يزجر السحاب بصوته كالحادي بالإبل والصوت المسموع تسبيحه ، وهو يؤلف بعض السحاب إلى بعض فيسوقه حيث يشاء الله (وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) أي يسبح جميع الملائكة خائفين من هيبته وجلاله ، وقيل : المراد بهم أعوان الرعد (١)(وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) جمع صاعقة ، وهي العذاب المهلك ينزل من البرق (فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) من خلقه كما أصاب أربد بن ربيعة ، قيل : «الصاعقة تصيب المسلم والكافر ولا تصيب الذاكر» (٢) ، قال ابن عباس : «من سمع صوت الرعد فقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، وهو على كل شيء قدير ، فان أصابته صاعقة فعلي ديته» (٣) ، روي عن النبي عليهالسلام حاكيا عن الله تعالى : «لو أن عبادي أطاعوني لسقيتم المطر بالليل ، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولم أسمعهم صوت الرعد» (٤) ، وعن ابن عباس : «الرعد ملك موكل بالسحاب يصرفه إلى حيث يؤمر ، وإنه يحوز الماء في نقرة إبهامه وإنه يسبح الله ، فاذا سبح لا يبقي ملك في السماء إلا رفع صوته بالتسبيح ، فعندها ينزل المطر» (٥) ، قيل : «سأل رجل من طواغيت العرب» (٦) ، وقيل : من اليهود عن النبي عليهالسلام مم ربك؟ أمن در أم من ياقوت أم من ذهب؟ فقال عليهالسلام : «لا تزد على الله شيئا ارجع عن مقالتك فجعل يزيد مثلها فنزلت صاعقة من السماء فأحرقته (٧) ، فذلك قوله (وَهُمْ يُجادِلُونَ) أي يصيبهم الله بالصاعقة وهم في جدالهم (فِي اللهِ) بتكذيبهم عظمته وتوحيده (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) [١٣] أي الأخذ والقوة لمن يجادل فيه وهو بكسر الميم المكر فليحذر المجادل في الله من مكره ، لأنه يأخذه من حيث لا يشعر.
(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤))
(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ) أي لله تقبل دعوة الحق الذي هو نقيض الباطل ، فاضافة ال (دَعْوَةُ) إليه كأضافة الكلمة إليه في قولك كلمة الحق ، يعني للدلالة على أن الدعوة ملابسة للحق مختصة به ، وإنها بمعزل عن الباطل ، وهي التي دعا النبي بها أربد وصاحبه ، وفيه وعيد للكفرة على مجادلة رسول الله ، لأن الله يجيب دعوته إن دعا عليهم أو «لله التوحيد» (٨) ، قاله على رضي الله عنه أو «شهادة أن لا إله إلا الله» (٩) ، قاله ابن عباس أو دعوة الصدق أو الدعاء بالإخلاص ، وهو (١٠) لا يكون إلا لله ، فيجيب من يدعوه به فيعطيه سؤله إن كان فيه مصلحة (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) أي يعبدون أصناما (مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) أي لا يجيبونهم بشيء يريدونه من نفع أو دفع أصلا (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ) أي إلا استجابة كاستجابة الماء الرجل (١١) العطشان الذي يريد الماء من بعيد وبسط كفيه (إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ) أي والحال أنه لا يبلغ الماء لبعده عنه ، وقيل : معناه أنه (١٢) كمن (١٣) بسط كفيه إلى الماء ويدعوه إلى نفسه بلسانه فلا يأتيه أبدا لأنه جماد لا يشعر بدعائه (١٤) أو هو كالرجل الجالس على شفير البئر وهو ماد يديه إلى البئر ولا تصلان قعرها ليأخذ من مائها ولا يرتفع الماء إليه فلا ينفعه بسط الكف إلى الماء ودعاؤه ،
__________________
(١) أخذه المفسر عن البغوي ، ٣ / ٣٤٤.
(٢) عن محمد بن علي الباقر ، انظر البغوي ، ٣ / ٣٤٤.
(٣) انظر البغوي ، ٣ / ٣٤٤.
(٤) رواه أحمد بن حنبل ، ٢ / ٣٥٩ ؛ وانظر أيضا البغوي ، ٣ / ٣٤٤.
(٥) انظر البغوي ، ٣ / ٣٤٤.
(٦) عن الحسن ، انظر البغوي ، ٣ / ٣٤٤.
(٧) أخذه المفسر عن البغوي ، ٣ / ٣٤٤.
(٨) انظر البغوي ، ٣ / ٣٤٥.
(٩) انظر البغوي ، ٣ / ٣٤٥.
(١٠) وهو ، ب س : فهو ، م.
(١١) الماء الرجل ، م : الماء للرجل ، س ، الرجل ، ب.
(١٢) أنه ، م : إنهم ، ب س.
(١٣) كمن ، ب س : ـ م.
(١٤) أبدا لأنه جماد لا يشعر بدعائه ، ب س : ـ م.