ضَيِّقاً) مخففا ومشددا (١) ، وهو الأصل أي غير واسع (حَرَجاً) بفتح الراء وكسرها (٢) ، أي شديد الضيق مشوبا بالشك بوجه لا ينفذ في نور لقبول الإسلام ، وهو إما مصدر وصف به أو جمع حرجة بدل منه ، وهي الشجرة الملتفة بعضها ببعض لا تصل إليها الراعية ، يعني يمتنع الوصول إلى الهداية (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) أي كامتناع الصعود لمن يطلب إلى السماء ، قرئ «يصعد» مخففا و «يصاعد» مضارع تصاعد بادغام التاء في الصاد و (يَصَّعَّدُ) بتشديد الصاد والعين (٣) ، أصله يتصعد (كَذلِكَ) أي مثل هذا الجعل (يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ) أي العذاب واللعنة (عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [١٢٥] أي لا يرغبون في الإيمان.
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦))
(وَهذا) أي الذي أنت فيه من التوحيد والإسلام (صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً) أي قائما برضاء الله ، حال من «صراط ربك» (قَدْ فَصَّلْنَا) أي بينا (الْآياتِ) في أمر الهداية والضلالة (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) [١٢٦] أي يتعظون بها فلم يبق لهم عذر في التخلف عن الإسلام.
(لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧))
(لَهُمْ) أي للذين يذكرون فيؤمنون (دارُ السَّلامِ) أي دار الله ، لأنه يسلم على داخلها (٤) أو دار السلامة وهي الجنة ، لأنه يسلم من الآفات من دخلها (عِنْدَ رَبِّهِمْ) في محل النصب على الحال ، أي حال كونها في ضمانه كما يقال لفلان عندي حق (وَهُوَ) أي الله (وَلِيُّهُمْ) أي ناصرهم على أعدائهم في الدنيا أو متوليهم بجزاء أعمالهم في الآخرة (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [١٢٧] أي بسبب أعمالهم التي عملوها في الدنيا من الخير (٥).
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨))
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) بالياء والفاعل الله والنون للتعظيم (٦) ، أي اذكر يوم نجمعهم (جَمِيعاً) يعني الجن والإنس وغيرهم ونقول للجن (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ) أي الشياطين (قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) أي جعلتموهم أتباعكم باضلالكم إياهم ، فحشر معكم كثير منهم (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ) أي أحباء الشاطين (مِنَ الْإِنْسِ) الذين أطاعوهم واستمعوا إلى وسوستهم (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) أي انتفع بعضنا باطاعة بعض في الدنيا حيث دلوهم على الشهوات وعلى أسباب التوصل إليها واستمتاع الإنس بهم قول الرجل (٧) إذا نزل بالليل مكانا مخوفا أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فيبيت (٨) في جوارهم أمينا حتى يصبح واستمتاع الجن بالإنس أنهم قالوا لقد لقينا (٩) سيدنا فيزيدون شرفا (١٠) في قومهم ، يعني فيما بين الجن والإنس ، وقالوا (وَبَلَغْنا) أي ويقولون أيضا يوم القيامة بلغنا (أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) أي جعلته أجلا لنا وهو البعث والحشر ، فاعترفنا بالبعث الذي وعدته للخلق (١١)(قالَ) الله (النَّارُ مَثْواكُمْ) أي منزلكم ، والمخاطبون هم الجن والإنس (خالِدِينَ) أي مقيمين (فِيها إِلَّا
__________________
(١) «ضيقا» : قرأ المكي باسكان الياء ، والباقون بكسرها مشددة. البدور الزاهرة ، ١١٠.
(٢) «حرجا» : قرأ المدنيان وشعبة بكسر الراء ، والباقون بفتحها. البدور الزاهرة ، ١١٠.
(٣) «يصعد» : قرأ المكي باسكان الصاد وتخفيف العين من غير ألف بينهما ، وقرأ شعبة بتشديد الصاد وتخفيف العين وألف بينهما ، والباقون بتشديد الصاد والعين من غير ألف بينهما. البدور الزاهرة ، ١١٠.
(٤) داخلها ، س م : دخلها ، ب.
(٥) من الخير ، ب س : ـ م.
(٦) «يحشرهم» : قرأ حفص بالياء التحتية ، والباقون بالنون. البدور الزاهرة ، ١١٠.
(٧) الرجل ، ب م : الرجال ، س.
(٨) فيبيت ، ب م : فبيت ، س.
(٩) لقينا ، س : ـ ب م.
(١٠) فيزيدون شرفا ، ب م : فيزيدون بذلك شرفا ، س.
(١١) للخلق ، ب س : للحق ، م.