الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً
____________________________________
كلمة تقال لسوء الحال ـ غالبا ـ والعذاب الشديد في الدنيا بالشقاء ، وفي الآخرة بالنار.
[٤] ثم وصف سبحانه الكافرين بصفة تحمل العلة في كفر الكافرين ، فالكافرون هم (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) ولعل الإتيان بباب الاستفعال «يستحبون» دون «يحبون» لإفادة أن من طبيعتهم لم يكن الحب الزائد لها ، وإنما طلبوا حبها ، حتى صار ملكة لهم ، فإن الاستفعال فيه معنى الطلب (عَلَى الْآخِرَةِ) أي استحباب الآخرة ، وكأنه عدّي بعلى لإشراب الفعل معنى الترجيح ، أي يستحبون الحياة مرجحين لها على الآخرة ، فإن حب الدنيا كما قال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : رأس كل خطيئة ، فتصطدم دنياهم بآخرتهم ، فيقدمون الدنيا على الآخرة ، حيث نشب بقلبهم حبها ، فمثلا الآخرة تنهي عن الربا ، والدنيا تطلبه ، وعن الزنى وعن القمار ، وعن النظر إلى أموال الناس ، وأعراضهم ، والتطلب للجاه ، ولو بألف حرام ، وهكذا ، (وَيَصُدُّونَ) أي يمنعون (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي طريقته في العقيدة ، والنظام ، فمن أراد الإيمان أو الإطاعة منعوه عن ذلك (وَيَبْغُونَها) أي يطلبون السبيل ـ ولفظة السبيل يجوز فيها التذكير والتأنيث ـ (عِوَجاً) أي منحرفا ، فلا يسيرون على الطريق المستقيم صراط الله سبحانه ، وإنما يسيرون على الطريق المعوج ، وإنما كان طريقهم معوجا ، لأنه لا يصل إلى المطلوب ، فمثلا المطلوب في الدنيا الصحة ، والزنى يوجب الأمراض الزهرية ، وهكذا ، ويحتمل أن يراد ب «يبغونها عوجا» أنهم يريدون