أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ
____________________________________
جعل طريق الله أعوج في نظر الناس ، حتى لا يتبعوه ، فيزينون لهم أشياء ملصقة بطريقه سبحانه ، ليبعدوا الناس عنه (أُولئِكَ) الكفار الذين هذه صفاتهم (فِي ضَلالٍ) وانحراف من الحق (بَعِيدٍ) كأنهم ابتعدوا عن المنهج السوي كثيرا ، في قبال الكافر الذي لا يصد عن سبيل الله ، فإنه أقرب من الأول ، والفاسق الذي يعتقد صحيحا ، ويعمل فاسدا ، فإنه في ضلال أقرب إلى الطريق من الفئتين السابقتين.
[٥] إن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسل إلى قومه بلغة العرب ، كما أن سائر المرسلين أرسلوا بلغة أقوامهم ، وإن كانت رسالة بعضهم عامة كموسى وعيسى عليهالسلام ، (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) امتنانا من الله سبحانه عليهم حتى لا يصعب عليهم الفهم ، وإن كانت الحجة تتم بدون ذلك ، ثم أنه ليس المراد من القوم عشيرته ، بل القوم يطلق على من جمعهم لسان واحد ، كما أنه يطلق على من جمعتهم عشيرة واحدة ، أو ما أشبه ذلك (لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) علة إرسال الرسول بلسان القوم فجاء الرسول ، وبيّن وفهّم ، ثم يأتي دور اللطف الخفي والخذلان ، فمن آمن لطف به سبحانه لطفه الخفي ، ومن أعرض خذله تعالى وتركه ، وهذا معنى قوله (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) أي يتركهم في ضلالهم ، وليست مشيئة اعتباطية ، وإنما يشاء بالنسبة إلى من أعرض ، (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) فيلطف به الألطاف الخفية ، بعد أن أذعن واعترف ، وجاء في حظيرة المؤمنين ، فإن الهداية والضلال لهما مراتب