ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥)
____________________________________
الأرض وإسكان الأنبياء فيها ، وكذلك إسكان التابعين لهم ، جزافا واعتباطا ، وإنما (ذلِكَ) الإسكان ، وإخراج الأعداء بالهلاك (لِمَنْ خافَ مَقامِي) أي خافني ، وإنما أضيف الخوف إلى المقام مجازا ، بعلاقة الحال والمحل ، أو المراد الخوف من نفس المقام والمنزلة ، فإن الشخص إنما يخاف من منزلة الحاكم ـ مثلا ـ لا من نفس الحاكم ، ولذا نرى أنه لو جرد عن تلك المنزلة ، لم يكن محل خوف ، والمراد بالخوف هنا عدم ارتكاب المعاصي (وَخافَ وَعِيدِ) أي خاف وعيدي بالهلاك في الدنيا والنكال في الآخرة ، فلم يعصني.
[١٦] (وَاسْتَفْتَحُوا) أي طلب الرسل الفتح والنصرة على أعدائهم ، وإنما سمي النصر بالفتح ، لأنه يفتح الطريق أمام المنتصر لقضاء حوائجه ، بعد ما كان العدو صدا يمنع عن ذلك (وَخابَ) أي خسر (كُلُّ جَبَّارٍ) يجبر الناس على ما يريد (عَنِيدٍ) معاند للحق ، والجبار يطلق عليه سبحانه ، لكنه هناك بحق ، لأنه يجبر ما هو ملكه وخلقه ، وليس كسائر الجبارين ، والذين يجبرون ما ليس لهم ، فإن الإنسان مسلط على ماله ونفسه ، وقد يقال الجبار له سبحانه ، باعتبار أنه يجبر الكسر من كل شيء ، كما في الدعاء يا جابر العظم الكسير.
[١٧] وخيبة الجبابرة ، كما هي في الدنيا كذلك في الآخرة ، أما في الدنيا فإنهم لا يهنؤون بالعيش ، حيث يرون الناس كلهم أعداء لهم ، وإذا كان للإنسان عدوا واحدا لا يهنأ له عيش ، فكيف إذا كان له أعداء؟ والغالب أن الجبابرة يذلون أخيرا ويقتلون ، ويبقى التاريخ ليلعنهم مدى