مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ
____________________________________
الأجيال ، هذا مع الغض عن أن لطف الله بعباده يحفر للجبار ألف حفيرة ، كما قال :
تنام عيناك والمظلوم منتبه |
|
يدعو عليك وعين الله لم تنم |
وأما في الآخرة ف (مِنْ وَرائِهِ) أي من خلفه ، كأن الزمان الماضي مقابل الإنسان والزمان المستقبل خلف الإنسان ، يأتيه فيلحقه (جَهَنَّمُ) فإنه إذا مات ، كان قبره حفرة من حفر النيران (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) الصديد القيح يسيل من الجرح ، وإنما سمي صديدا لأنه يصد حتى لا يسيل ، إن المكان الحار يتطلب الماء البارد ، لكن الجبار إذا طلب ذلك أتي بالقيح ، روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال : يسقى مما يسيل من الدم والقيح من فروج الزواني ، في النار (١).
[١٨] (يَتَجَرَّعُهُ) أي يتكلف جرعه وشربه جرعة جرعة (وَلا يَكادُ) أي لا يقارب ـ بطبعه أن (يُسِيغُهُ) والإساغة إجراء الشراب في الحلق بسهولة ، أي لا يتمكن أن يشرب هذا الصديد ، لكن العطش المفرط يضطره إلى الشرب ، وقد روي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير الآية قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يقرب إليه فيكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه ، فإذا شرب قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله عزوجل : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٢) ، ويقول : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٨ ص ٢٤٣.
(٢) محمد : ١٦.