وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ
____________________________________
يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ) (١) (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) حتى أنه لو كان ، بالإمكان أن يموت بمكان واحد منه ، إذ كيف حال من جوانبه الستة ، ممتلئة بالنار والعذاب وداخله هكذا صديد؟ (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) إذ لا موت حتى يستريح هناك ، فإنهم في جهنم خالدون (وَمِنْ وَرائِهِ) وراء هذا العذاب (عَذابٌ غَلِيظٌ) أشد منه وأغلظ.
[١٩] أما أعمالهم التي عملوها في الدنيا ـ ولو كانت حسنات في نفسها ـ فإنها لا تنفعهم يوم القيامة ، فليأخذوا الأجر ممن عملوا له ، فإن كل عمل لا يبنى على أساس الإيمان بالله وأمره ، لا يستحق العامل جزائه على الله (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) في الآخرة (أَعْمالُهُمْ) التي أتوا بها في الدنيا (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) أي توجهت ريح شديدة إليه ، فذرته في الهواء ، مما لا يبقي منه أثر (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) شديد الريح ، فكما أن أحدا لا يقدر على جمع ذلك الرماد في مثل هذا اليوم ، كذلك أعمال الكفار تنتشر وتذهب هباء لا يقدر أحد على جمعها حتى ينتفع بها (لا يَقْدِرُونَ) أي أولئك الكفار (مِمَّا كَسَبُوا) أي من أعمالهم التي كسبوها (عَلى شَيْءٍ) لا قليل ، ولا كثير ، كما قال سبحانه في آية أخرى (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ
__________________
(١) الكهف : ٣٠.