قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ
____________________________________
إليه نفعا (قالُوا) أي قال الرؤساء المتبوعون في جواب استفهام التابعين (لَوْ هَدانَا اللهُ) في الدنيا (لَهَدَيْناكُمْ) لكنا ضللنا فأضللناكم ، فلا تبعة علينا ، إنما التبعة على من عنده ولا يعطي ، أما من ليس عنده فلا لوم عليه أن لا يعطي ، وهذا جواب فراري ، يريدون بذلك التخلص من أيدي الضعفاء الذين ضعفت نفوسهم ، فجعلوا أنفسهم عبيدا مقلدين لأولئك الرؤساء المستكبرين ، وإلا ، فالله سبحانه هداهم ، لكنهم أعرضوا ، كما قال سبحانه (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (١) أو المراد أنهم يقولون : لو هدانا الله هنا إلى طريق الوصول والخلاص من العقاب لأريناكم ذلك الطريق لتنجوا أنتم أيضا ، ولكن لا نعرف الطريق حتى نهديكم إليه ، ثم يعلن المتكبرون أن الأمر قد قضي وأنهم لا محالة في العذاب ، من غير فرق بين أن يصبروا أو يجزعوا ، فليس هناك كالدنيا يفيد الجزع حينا ، والصبر حينا (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) والجزع ضد الصبر (ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) أي ليس لنا محيص ومهرب عن عذاب الله ، من حاص يحيص ، بمعنى حاد يحيد وفر عن المكروه.
[٢٣] وهنا يأتي الشيطان ليلوم أتباعه ، في أتّباعه ويتبرّأ منهم ، ويقطع بذلك آخر أمل لهم في النجاة ، فقد اتبعوا الشيطان في الدنيا ، فلعله يخلصهم بمكر أو حيلة ، مما يشاهدونه (وَقالَ الشَّيْطانُ) لأتباعه الذين اتبعوه في الدنيا فكفروا أو عصوا ، مما أوردهم النار في عاقبة الأمر (لَمَّا قُضِيَ
__________________
(١) فصلت : ١٨.