ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
____________________________________
فاعلموا أنه (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ) من صرخ ، والإصراخ الإغاثة بإجابة الصارخ ، يقال : استصرخني فلان فأصرخته ، أي استغاث بي فأغثته ، والمعنى أنا لا أتمكن من إغاثتكم وخلاصكم من العذاب (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) وأنتم لا تتمكنون من إغاثتي من عذاب الله الذي يحل بي ، فإن للشيطان النصيب الأوفر من العذاب ، ولا مصرخ له ـ كلما يستغيث ـ فإن أتباعه يتبرءون منه ، كما تبرأ منهم ، ولا يتمكنون هم علاجا لأنفسهم فكيف يتمكنون من علاج للشيطان؟ أما الله وأنبيائه ، وسائر عباده الصالحين ، فهم أعداء الشيطان ، كما هو عدوهم ، فهل ينقذونه من العذاب ، (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) أيها الأتباع ، أي إني جحدت ، الآن أن أكون شريكا لله تعالى ، فيما أشركتموني فيه ، فقد كان المشركون يشركون الشيطان عمليا مع الله سبحانه ، فيعملون قسما من أعمالهم حسب أمر الله ، وقسما أكبر حسب أمر الشيطان ، وهذا هو الشرك ، ثم قال لهم كلمته الأخيرة (إِنَّ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم وغيرهم من الناس (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم موجع ، فلا مناص ولا خلاص.
[٢٤] وإذ رأينا عاقبة الكفار ، وأنها التخاصم والنار ، فلننظر إلى عاقبة المؤمنين (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله ، وبما أمر به من اتباع الرسول ، والإيمان بالمعاد وما أشبه ، من سائر الأصول الاعتقادية (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي الأعمال الصالحة ، بإتيان الواجبات ، وترك