جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً
____________________________________
المحرمات ، (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أي تحت قصورها وأشجارها (الْأَنْهارُ) في حال كونهم (خالِدِينَ فِيها) فليس لهم عنها زوال (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) فإنه سبحانه يأذنهم بذلك ، حيث يريدون البقاء بعد الدخول (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) فيسلم بعضهم لبعض مقابل أهل النار الذين يخاصم بعضهم بعضا كما مرّ.
[٢٥] وإذا تم الكلام حول الفرق الخبيثة العاصية التي مصيرها النار ، والفرق الطيبة المطيعة التي مصيرها الجنة ، يأتي مثال للكلام الطيب والخبيث ليدل على أن مصائر الطيبات إلى ازدهار ونمو وتملك للحياة ومصائر الخبائث إلى الانهيار والمحو من الوجود وهكذا أجرت سنة الله ، وهذا المثال بدوره يقوي من عزائم الطيبين وإن رأوا بادي ذي بدء أن الخبيث كثير وأنه قد أخذ عرض الحياة وطولها (أَلَمْ تَرَ) يا رسول الله أو أيها الرائي ، والاستفهام تنبيهي يراد به الإلفات والتذكير ، والمراد بالرؤية العلم ، أي ألم تعلم ، وإنما يؤتى بلفظ الرؤية للدلالة على أن هذا العلم قريب من الرؤية فليس من الأمور الغامضة ، وإنما رؤية وحس (كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) أي بين الله مثالا لكل خبيث وطيب ، وإنما تستعمل كلمة ضرب لأن المثل يصطدم مع الذهن فيوجد فيه تأثيرا وتمويجا لا يحصل ببيان أصل المطلب بدون المثل.
ثم بين سبحانه ذلك المثل المضروب بقوله (كَلِمَةً طَيِّبَةً) الكلمة تطلق على كل ما في الوجود لفظا كان ـ كما هو المتبادر منها ـ أم غير