____________________________________
الأمر ليس كذلك بل الحق راسخ الأقدام عالي البنيان لا تزعزعه الأعاصير ولا العواصف وإنما يبقى ليثمر ويعطي الناس فوائده الطيبة.
والسر أن الحق يدخل القلوب بما أودع الله فيها من حب ذاتي للحق ، وكره ذاتي للباطل والباطل إنما يأخذ السطوح ، وما يبقى في القلب في أمن من الخطر والغير ، أما ما في السطوح فإنه يزول بأقل حركة ، ولذا قال الفرزدق للإمام الحسين عليهالسلام : قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أميّة (١) وقد رأينا كيف زالت بنوا أمية لما وقعت من أيديهم السيوف ، وكيف بقي الحسين عليهالسلام وفي الآية الكريمة : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (٢) وفي الزيارة «وفي قلب من يهواه قبره» أي قبر الإمام عليهالسلام ، ولهذا السر بقيت أنبياء الله تعالى في الحياة بينما لم يبق من الجبارين أقل شيء ومن بقي ليلعن ويكون مسبة ومثلا للرذيلة ليتجنبها الناس.
وقد ذكرت الأحاديث تفسير الآية الكريمة بالرسول والصديقة والأئمة عليهالسلام والشيعة لهم ، وذلك من باب أظهر المصاديق ـ كما بينا ذلك مكررا ـ فقد سأل الإمام الصادق عليهالسلام عن الشجرة في هذه الآية؟ فقال : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصلها وأمير المؤمنين عليهالسلام فرعها ، والأئمة من ذريتهما أغصانها وعلم الأئمة ثمرتها وشيعتهم المؤمنون ورقها ، قال : والله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها (٣). أما العمل الطيب والكلمة الطيبة فإنهما يؤثران في الحياة السعيدة ويورقان ويزهران ويثمران كالحبة الصغيرة التي تصبح شجرة
__________________
(١) دلالة الإمامة : ص ٧٤.
(٢) إبراهيم : ٣٨.
(٣) الكافي : ج ١ ص ٤٢٨.