إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨) قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ
____________________________________
لا يلازم هذا أن يكون هناك عدة أشخاص منظرين يكون إبليس أحدهم ، وذلك لأن الإتيان بالجمع من أبواب البلاغة ، كأن المراد أن هذا من ذلك الجنس وإن لم يكن في الخارج منه إلا واحد ، ولذا جرت العادة أن يقول الإنسان : قال المفسرون ، أو كذا يقول الحكماء ، أو وجدت في كتاب الفقهاء ، وهو يريد أن هذا الكلام صادر من ذلك الجنس ، إلا أن جماعة منهم قالوا : أو يقال أن الملائكة منظرون فإبليس منظر كأحدهم.
[٣٩] (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) الوقت المعلوم هو بين النفختين ـ كما ورد عن الصادق عليهالسلام (١) ـ فالمعنى إنك تبقى إلى ذلك اليوم.
[٤٠] ولما عرف إبليس بأنه منظر إلى ذلك الوقت (قالَ) يا (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) أي بسبب إغوائك لي والإغواء هو الدعاء إلى الغي والضلال ، يقال له الإغواء إذا أثر وصار المدعو ضالا منحرفا ، وقد كان إبليس كاذبا في مقاله ، فإن الله سبحانه لم يغوه ، وإنما هو تكبّر وحسد مما سبب طرده ، بينما أراد الله سبحانه كرامته بأمره بالسجود ، إلا أن يريد بالإغواء تهيئة الأسباب التي تؤدي إلى ذلك ، مجازا ، نحو ومن يضلل الله ، أو عدم اللطف القاهر به حتى لا ينحرف (لَأُزَيِّنَنَ) المعاصي (لَهُمْ) أي لأبناء آدم ـ المعلوم من السياق ـ وذكر فوائدها ، وإغفالهم عن مضارها حتى يرتكبوها ، وأكون قد أخذت انتقامي بذلك من آدم الذي صار سببا لطردي (فِي الْأَرْضِ) أي يقع التزيين مني في
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١١ ص ١٣٢.