وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦) وَلَقَدْ آتَيْناكَ
____________________________________
وحكمة (وَإِنَّ السَّاعَةَ) التي يجازى فيها الإنسان إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر (لَآتِيَةٌ) ليحكم فيها بالحق ، فما بال الإنسان يحيد عن الحق ويكفر بالمبدأ والمعاد؟ (فَاصْفَحِ) يا رسول الله (الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) أي أعرض عن الكفار إعراضا جميلا ، والإعراض الجميل هو أن يكون الإعراض حسب ما تقتضيه الحكمة إن اقتضت الإعراض بخشونة في بعض فليفعل كذلك وإن اقتضت الإعراض بلطف ولين فليفعل كذلك كقوله سبحانه : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (١) وحيث أن الحق هو المبدأ والمعاد ، فلا عليك كفر الكافرين ، إن عليك أن تبلغ ، فإذا أعرضوا فلا عليك إلا أن تتركهم تركا جميلا ، لا تحمل لهم حقدا أو غلّا ، فإن الحق يقرر مصيرهم ، وسيلاقون جزائهم ممن خلقهم وعلم بهم وبأعمالهم.
[٨٧] (إِنَّ رَبَّكَ) يا رسول الله (هُوَ الْخَلَّاقُ) للسماوات والأرض وما بينهما ولهؤلاء (الْعَلِيمُ) بكل شيء وبكل عمل يعمله هؤلاء ، فدعهم واصفح عنهم حتى يجازيهم خالقهم العالم بأعمالهم ، وهذا كما يقول مدير المدرسة للمعلم : أنت درّس ولا عليك بمن لم يحفظ ، فإن باني المدرسة عالم ، وهو الذي هيّئ أثاث المدرسة وبيده امتحان الطلاب.
[٨٨] إنك رسولنا الذي أرسلنا وآتيناك القرآن فمن كذبك فاصفح عنه فإن جزاءه عند الخلاق العليم (وَلَقَدْ آتَيْناكَ) أي أعطيناك يا رسول الله
__________________
(١) الفرقان : ٧٣.