إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨)
____________________________________
الثقيلة ، فإنه جمع ثقل وهو المتاع الذي يثقل حمله (إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ) أي لا تقدرون أنتم وحدكم بلوغ ذلك البلد البعيد (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) فكيف تبلغونه مع الأحمال؟ وشق الأنفس معناه مشقة النفس ، فإن شق مصدر شق يشق أي صعب والأنفس جمع نفس (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ) ومن رأفته أن خلق لكم هذه الأنعام لتحمل أثقالكم وتنتفعون بها في سائر حوائجكم (رَحِيمٌ) يرحم بكم ويتفضل عليكم بالإحسان والإنعام ، ولعل الفرق بين الرأفة والرحمة ، أن الرأفة صفة القلب ، وإن لم تتعد ، والرحمة لا تكون إلا فيما يظهر من الأفضال والرحم.
[٩] (وَ) خلق (الْخَيْلَ) وهي الفرس (وَالْبِغالَ) جمع بغل وهو ما يولد بين الحمار والفرس (وَالْحَمِيرَ) جمع حمار (لِتَرْكَبُوها) في حوائجكم ، ولم يذكر هنا الحمل ، وفي الآية السابقة لم يذكر الركوب للتفنن في الكلام وهو من أساليب البلاغة ، والإبل أنسب بحمل الأثقال إلى البلاد البعيدة ، كما أن الثلاثة أنسب للركوب (وَزِينَةً) أي خلقها زينة وجمالا لكم ، حيث أن الإنسان إذا ركبها كان له جمال وجلال ، كما أنها حين تربط أو تنقل من هنا إلى هناك تظهر للمالك جمالا وزينة (وَيَخْلُقُ) الله سبحانه (ما لا تَعْلَمُونَ) من سائر وسائل الحمل والزينة ، فقد قال سبحانه ذلك ليجد الذهن متسعا في الآفاق فلا يجمد ، ونسبة الخلق إليه بالنسبة إلى الآلات البخارية وما أشبهها