وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٣) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً
____________________________________
[١٤] (وَ) سخر لكم (ما ذَرَأَ) أي خلق (لَكُمْ) إما بمعنى سخر لكم ما خلق في الأرض ، فيكون المعنى أن كل شيء في الأرض فهو مسخّر لكم ، وإما بمعنى أن ما خلق لكم في الأرض هو مسخّر لكم ، فيكون المعنى إن الذي خلق لكم مما في الأرض مسخر لكم وهذا أخص من المعنى السابق ، والظاهر من السياق الثاني (فِي الْأَرْضِ) من أنواع المأكل والملابس والمشارب والمراكب والمساكن والمناكح وغيرها ، في حال كون ما ذرأ (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) لا يشبه بعضها بعضا ، وذلك مما يزيد الخلق جمالا والإنسان نشاطا وانشراحا (إِنَّ فِي ذلِكَ) التسخير لما ذرأ (لَآيَةً) دلالة واضحة على وجود الله وعلمه وقدرته (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أصله يتذكر قلب التاء ذالا ودخلت همزة الوصل عليه لتعذر الابتداء بالساكن فصار «اذّكر» والتخصيص بهم لأن من سواهم لا ينتفع بهذه الآيات ، ولعلّ الإتيان بلفظ «آية» هنا و «آيات» في الآية السابقة للتفنن في الكلام الذي هو نوع من أنواع البلاغة.
[١٥] (وَهُوَ) الله سبحانه (الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ) صنعه وجعله بحيث تنتفعون به في حوائجكم (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) وهو السمك فإن الإنسان يصطاد السمك الطري منه ، في حال أن كثيرا من اللحوم التي يصنع منها القديد يابس ليس له ذلك الطعم والمذاق (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً) أي لئالئ ونحوها مما يستعمل في الزينة ، ولعل