تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤) وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ
____________________________________
الإتيان بباب الاستفعال لما في الغوص من الطلب والصعوبة (تَلْبَسُونَها) تلبسون تلك الحلية المستخرجة من البحر ، فمن جعل البحر بحيث يعطي هذه الأشياء؟ ومن ذلّله لكم حتى تتمكنون من الاقتراب منه والغوص فيه والاصطياد لأسماكه؟ (وَتَرَى) أيها الإنسان (الْفُلْكَ) وهي السفن فإن فلك على وزن قفل مفرد ، والفلك على وزن أسد «جمع أسد» جمع ، والثاني هو المراد هنا بدليل وصفها بقوله سبحانه (مَواخِرَ) جمع «ماخرة» على وزن «طالبة» و «طوالب» من المخر ، يقال مخرت السفينة الماء أي شقته عن يمين وشمال ، واسم الفاعل «ماخرة» (فِيهِ) أي في البحر ، فمن جعل الماء بحيث لا تغرق فيه السفينة الثقيلة ، بل تتمكن من شقه والوصول إلى المحلات البعيدة بواسطته؟
(وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) إما عطف على قوله «لتأكلوا» أي سخر لكم البحر «لتأكلوا» ولتبتغوا ، وإما عطف على مقدر أي «وترى الفلك مواخر فيه لتركبوا ولتبتغوا» والمعنى أنه جعل البحر كذلك بحيث يحمل السفن الماخرة لتطلبوا من فضله سبحانه بالتجارة والاكتساب لصاحب السفينة بالإيجار والراكبين بالاتجار ، وتسمى النعمة فضلا ، لأنها زيادة على سائر الأنعام ، (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي لكي تشكروا الله سبحانه ، فإن غاية خلق الأشياء للإنسان أن يشكروا فيستحقوا بذلك الثواب.
[١٦] (وَ) هو الله سبحانه الذي (أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) جمع راسية