أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَنْ يَخْلُقُ
____________________________________
وهي الجبل ، أي جعل جبالا عالية ثابتة ، والتعبير بالإلقاء تعطي صورة طريفة عن ثقلها وشدة وطأتها ، ل (أَنْ) لا (تَمِيدَ) من ماد بمعنى مال يمينا وشمالا (بِكُمْ) أي معكم ، يعني أنه سبحانه جعل في الأرض الجبال لئلا تتحرك الأرض بكم يمينا وشمالا فلا يكون لكم قرار واستقرار فإن الجبال تحفظ توازن الأرض ، فهي كالمسامير في الألواح المتصلة بعضها ببعض ، لولاها لتفككت الأرض ـ من جهة ـ ولمالت إلى هنا وهناك بفعل الجاذبيات ـ من جهة أخرى ـ.
(وَ) جعل فيها (أَنْهاراً) فمن يا ترى خلق الأنهار التي ينتفع بها الإنسان في بقائه وعمارته وزراعته وسائر لوازمه؟ (وَ) جعل فيها (سُبُلاً) أي طرقا للسير من هنا إلى هناك (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي لكي تروا تلك الآيات فتهتدوا إلى وجود خالقها وجاعلها.
[١٧] (وَ) جعل لكم فيها (عَلاماتٍ) معالم يهتدى بها للطرق من جبال وترع ومرتفعات ومنخفضات فإن الإنسان يهتدي بها إلى مقاصده أو المراد أنه سبحانه جعل العلامات بصورة عامة كعلامات الصحة والمرض والجيد والرّديء والعلامات الفارقة لجنس من جنس وهكذا (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) فجعل علامات في الأرض وعلامات في السماء يهتدي بها السالكون ، فمن يا ترى جعل كل ذلك؟
[١٨] وإذ ينتهي السياق من ذكر جملة من الآيات الكونية ، يلتفت إلى البشر ليوقظه من رقدته وينبّهه على خطأه في اتخاذ الشركاء مع الله سبحانه (أَفَمَنْ يَخْلُقُ) وهو الله سبحانه الخالق لكل تلك الأشياء التي تقدمت