وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ
____________________________________
لأنه إنما يقع بعد البيان ، كما تقول للمجرم : سأعلمك غدا ، تريد إنك تجزيه بإجرامه (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) في كفرهم بالله ، وإنكارهم للبعث ، وجحدهم الأنبياء ، يعلمون كذبهم فيجازون عليه.
[٤١] ولقد كان أكبر حجج المنكرين للبعث أنه غير ممكن ، فكيف يمكن أن تعود العظام الرميم إنسانا سويا؟ (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (١)؟ ولذا ردهم سبحانه بقوله : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فإنا نخلق الأشياء بمجرد الإرادة التي تجلو في كلمة «كن» وبمجرد هذا القول يكون ذلك الشيء المراد ، فكيف لا نقدر على إحياء الأموات ، وقد كان خلق الإنسان ابتداء أصعب ـ في نظر الناس ـ من إعادته ، فهل نقدر على ذلك الأصعب ولا نقدر على الأسهل؟
[٤٢] أولئك الكفّار تلك معتقداتهم وأعمالهم وجزائنا لهم (وَ) أما المؤمنون ف (الَّذِينَ هاجَرُوا) ديارهم وبلادهم (فِي اللهِ) أي في سبيل الله ولأجل أمره وابتغاء مرضاته فرارا بدينهم (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) ظلمهم الكفار ، كما كان أهل مكة يظلمون المسلمين ويؤذونهم ، فهاجر قسم منهم إلى الحبشة وقسم إلى المدينة (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) أي نعطيهم مبوّء ومنزلا ، نحو (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ
__________________
(١) يس : ٧٩.