وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ
____________________________________
[٣٩] ولقد كان الكفار ينكرون البعث ويجادلون لنفيه ، وحيث يعجزون عن الإتيان بالحجة يلتجئون إلى الحلف ، كشأن العاجزين في مقام الاحتجاج والدليل (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ) أي حلف هؤلاء الكفّار بالله سبحانه (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) مجتهدين في أيمانهم قد بلغوا في اليمين مبلغ التأكيد بما قدروا عليه ، فإن «جهد» مصدر وضع موضع الحال ، والتقدير «يجتهدون اجتهادا في أيمانهم» مثلا قالوا «واللات وعزى ومناة وكل مقدساتنا ..» (لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) أي لا يحييه للحساب والكتاب والجزاء ، وقد كذّبهم سبحانه بقوله (بَلى) ليس الأمر كما تقولون بل يبعثهم الله جميعا ، وقد وعد الله ذلك (وَعْداً) يكون ذلك الوعد (عَلَيْهِ) أي على الله (حَقًّا) ليس له خلف ، فإن المخلف لا يكون إلا جاهلا أو عاجزا أو خبيثا والله سبحانه منزه عن ذلك كله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) البعث ، لكفرهم بالله ، وعدم إيمانهم بالأنبياء المخبرين.
[٤٠] وإنما يبعث الله الخلائق ، ويحشرهم للجزاء وإلّا لكان ظلم الظالم الذي لم ينتقم منه في الدنيا خلاف عدله سبحانه ، فإنه كيف أمكن الظالم من الظلم وهو قادر على دفعه ، بلا جزاء شيء للظالم ، ولا جزاء حسن للمظلوم ، وفي يوم الجزاء يبين الله (لَهُمُ) أي للناس (الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) من العقائد والأعمال ، فيقول عمل فلان كان حقّا ، وعمل فلان كان باطلا ، وهكذا ، والبيان ، كناية عن الجزاء ،