فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٧)
____________________________________
وهناك لتعتبروا بآثار الأمم السابقة (فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) الذين كذبوا الرسل ، فإنكم ترون بلادهم خالية وآثارهم دارسة ، وقد جرت الرياح على محل ديارهم فكأنهم كانوا على ميعاد كما قال سبحانه : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ* وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) (١) ومن غريب الأمر أنا نرى ذلك في غالب البلاد والأصقاع فعندنا خرائب «بابل» و «سامراء» وأطراف «الطاق» ببغداد.
[٣٨] وإذ قد جرت سنة الله سبحانه أن يترك الضال في غوايته لا يلطف به الألطاف الخفية ، كما كان سابقا حال الأمم الخالية كذلك فهذه الأمة أيضا كتلك إن من ضل وحاد عن الطريق لا ينفعه اهتمام الرسول بإيمانه ف (إِنْ تَحْرِصْ) يا رسول الله وتتعب نفسك (عَلى هُداهُمْ) أي على أن يهتدوا ويؤمنوا (فَإِنَ) حرصك لا ينفع إذ إن (اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) أي لا يلطف بمن تركه ليضل ـ كما شاء هو ـ بعد أن أراه الطريق فلم يقبل ، كالأب الذي لا يعتني بولده إذا رآه لا يطيع أوامره ، فنقول لمن حاول الإصلاح بينهما : لا تفعل فإن الأب لا يلطف بهذا الذي تركه ولم يعتن له (وَما لَهُمْ) أي لأولئك الضالين (مِنْ ناصِرِينَ) ينصرونهم ويخلصونهم من عذاب الله وانتقامه.
__________________
(١) الدخان : ٢٦ ـ ٢٨.