وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ
____________________________________
[٣٧] وكيف يشاء سبحانه الكفر والمعاصي ، والحال أنه قد بعث الأنبياء والرسل لإرشاد الناس وهدايتهم (وَلَقَدْ بَعَثْنا) أي أرسلنا (فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً) كما بعثناك يا رسول الله إلى هؤلاء ، ليقول لهم الرسول (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) وحده لا شريك له (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) أي لا تطيعوه ، والمراد بالطاغوت ، الشيء الكثير الطغيان من شيطان أو إنسان آمر بالقبيح ، ويستعمل الطاغوت في الآلهة الحجرية مجازا بالمشابهة ، لأنها تعبد كما يعبد الرؤساء والشياطين كما قال سبحانه : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) (١) (فَمِنْهُمْ) أي بعض تلك الأمم (مَنْ هَدَى اللهُ) أي هداه سبحانه إلى الإيمان بأن لطف به الألطاف الخفية حتى استقام على الطريق بعد أصل الإيمان وقد كان ذلك بمعنى الهداية المتوسطة بين الهداية التي هي إرائة الطريق ، والهداية التي هي الإيصال إلى المطلوب ، فإن الإنسان إذا أراه الله سبحانه الطريق فسار عليه ، لطف به ألطافا خفية ، كما قال سبحانه : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢).
(وَمِنْهُمْ) أي بعض تلك الأمم (مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) أي ثبتت عليه وألزمته ، لأنه أعرض عن الرشاد فانحرف حتى صارت الضلالة من ملازماته (فَسِيرُوا) أيها الناس (فِي الْأَرْضِ) إلى هنا
__________________
(١) التوبة : ٣١.
(٢) العنكبوت : ٧٠.