وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ
____________________________________
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يا رسول الله ، إلى الأمم الماضية (إِلَّا رِجالاً) من البشر ، لا ملائكة ولا جنّا (نُوحِي إِلَيْهِمْ) فهم بشر كسائر البشر في الخلقة والطبيعة إلا أنهم ، يمتازون بالوحي ، وهذا لا ينافي كونهم أعلى درجة من سائر الناس بفطرتهم ، فإن الكلام في مقابل الملائكة والجن (فَسْئَلُوا) أيها المنكرون لبشرية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (أَهْلَ الذِّكْرِ) أي أهل الكتاب عن أنبياءهم هل كانوا بشرا أم غير بشر؟.
(إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) إنهم كانوا بشرا أم لا ، وما ورد في الأحاديث من أهل الذكر هم آل محمد عليهمالسلام فالمراد أنهم من المصاديق الظاهرة لأهل الذكر الذين يجب الرجوع إليهم ، حيث يستفاد من الآية قاعدة كلية عقلائية مقررة في الشريعة ، هي سؤال أهل العلم عما لا يعلمه الإنسان ، وبطبيعة الحال يجيب أهل الذكر أن من أرسل سابقا كانوا بشرا ، حتى المسيحيون المألّهون لعيسى عليهالسلام لا ينكرون بشرية سائر الأنبياء كآدم وموسى وإبراهيم عليهمالسلام وغيرهم.
[٤٥] (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) متعلق ب «نوحي إليهم» أي كنا نوحي إلى الأنبياء عليهمالسلام السابقين بالأدلة البينة الواضحة ، والزبر «الكتب المتفرقة» من زبر بمعنى كتب ، أو متعلق بأرسلنا ، أي «ما أرسلنا بالبينات والزبر إلا رجالا» (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ) يا رسول الله (الذِّكْرَ) أي القرآن كما أنزلنا إلى الأنبياء من قبلك ، وإنما سمي القرآن بالذكر لأنه مذكر بالله