قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩)
____________________________________
تجوّز لي ، أن أكون معك ، لتعلمني من بعض علومك التي علمك الله إياها ، أي علما ذا رشد ، وهو علم الغيب ، ويظهر من الحوار والنتائج في تصرفات الخضر ، أن موسى أراد أن يرى كيفية علم الغيب ، لا أن يتعلم هو ذلك ، فالمراد من أن تعلمني أن تريني بعض علم الغيب ، كيف تعمل بما تظهر نتائجه بعدا ومستقبلا؟.
[٦٨] (قالَ) خضر لموسى عليهالسلام (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) أي يثقل عليك الصبر ، بحيث لا تطيقه ، ولقد كان موسى عليهالسلام مأمورا بالظاهر ، فلا يعمل عملا ، إلا إذا أتمت موازينه ومقاييسه الشرعية ، أما خضر عليهالسلام ، فقد كان يعلم بالغيب ويعمل بحسبه ، ولا مانع من أن يرسل الله نبيا بهذا ، ونبيا بذلك ، وقد استدل بعض بذلك ، على أن للشريعة ظاهرا وباطنا ، لكن فيه أنه لم يدل دليل على مثل ذلك في شريعة الإسلام.
[٦٩] ثم قال خضر لموسى عليهالسلام (وَكَيْفَ تَصْبِرُ) يا موسى (عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) بما ترى ظاهره منكرا ، ولا تعلم باطنه؟
[٧٠] (قالَ) موسى عليهالسلام (سَتَجِدُنِي) يا خضر (إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) لما أراه منك مما لا أعلم وجهه (وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) فلا أخالفك فيما تأمرني به من الصبر ، حتى ينكشف وجه الحكمة ، لكن الله سبحانه لم يشأ ذلك ، إذ لم يقوّ في موسى عزيمة الصبر ، ولذا سأل ، ولم يصبر ، ولم يكن ذلك خلفا لوعده ، حتى يقال كيف خلف النبي الوعد؟.