كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي
____________________________________
[٢] (كهيعص) أي أن «كاف» «هاء» «ياء» «عين» «صاد» هي التي يركب منها هذا القرآن ، فإن القرآن مركب من هذه الحروف وأمثالها ، وهنا حذف الخبر ، بخلاف مثل (الم ، ذلِكَ الْكِتابُ) وقد عرفت أن في فواتح السور أقوالا وما ذكرناه أحدها ، وهناك قول آخر أنها رموز ولا تنافي بين القولين ولا بين سائر الأقوال ، وقد ورد أن «كاف» اسم كربلاء و «هاء» هلاك العترة و «ياء» يزيد و «عين» عطش الآل عليهمالسلام و «صاد» صبرهم (١) ، فهي كالرموز اللاسلكية التي تختار لمعرفة الطرفين دون سواهم لحكمة.
[٣] هذا الذي نريد بيانه (ذِكْرُ) وخبر (رَحْمَتِ رَبِّكَ) ل (عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) النبي عليهالسلام والمراد برحمة الله له استجابته دعاء زكريا حين سأله الولد ، فقد تفضل عليه سبحانه بيحيى عليهالسلام.
[٤] وقد كانت الرحمة (إِذْ نادى) حين دعا زكريا (رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) دعاء في خفية لم يجهر به ، ولعل سر الإخفاء ، أن الناس لو علموا بأنه يطلب الولد سخروا منه؟ ، كيف يسأل الولد وهو شيخ فان؟ ، أم كيف بقي في نفسه بقايا من طلب الملذات ..؟
[٥] (قالَ) زكريا في دعائه يا (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) أي ضعف عظمي ، وإسناد الضعف إلى العظم ، أبلغ في الدلالة على الضعف ، إذ العظم الذي هو أصلب شيء في الجسم ، إذا ضعف ضعفت سائر
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٨٨ ص ٩.