وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ
____________________________________
طاعة لله وتحية لآدم ، فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله تعالى (١) ، لاجتماع شملهم ، ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت : رب قد آتيتني من الملك (وَقالَ) يوسف عليهالسلام (يا أَبَتِ) التاء عوض ياء المتكلم ، قال ابن مالك :
وفي الندا أبت عرض |
|
قبل النداء ومن اليا التا عوض |
(هذا) الذي تراه من سجودكم لي (تَأْوِيلُ رُءْيايَ) التي رأيتها وأنا عندكم ، وإن الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا سجدوا لي (مِنْ قَبْلُ) في زمان صغري (قَدْ جَعَلَها) أي جعل الرؤيا (رَبِّي حَقًّا) أي صدقا مطابقا للواقع ، وآلت رؤياي إلى هذه النتيجة حيث صرت ملكا ، وسجد لي أبواي وإخواني الأحد عشر ، (وَقَدْ أَحْسَنَ) ربي (بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) الذي ابتليت به سبع سنوات (وَ) إذ (جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) أي من البادية «ليجمع شملنا» فقد كانوا يسكنون البادية ، ويرعون أغنامهم فيها ، وفي سنة القحط قد هلكت أغنامهم ، وأحوجهم العوز إلى السفر إلى مصر ، حتى تم هذا اللقاء ، ولعله لم يذكر نعمة الله عليه في إخراجه من الجب ، لئلا يذكّر الأب بصنيع الأخوة به ، كرما منه وإحسانا ، فإن من الأخلاق أن ينسى الإنسان إساءة الغير إليه ،
__________________
(١) تفسير القمي : ج ١ ص ٣٥٦.