مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (١٠٠) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً
____________________________________
وإحسانه إلى الغير (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ) أي أفسد (بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) ، وكان الإفساد بإلقاء الحسد على قلب الأخوة ، حتى صنعوا ما صنعوا (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ) في تدبير عباده (لِما يَشاءُ) من الأمور ومعنى اللطيف أنه يفعل الأشياء الدقيقة النافعة ، مما لا يتمكن الإنسان عليها (إِنَّهُ) سبحانه (هُوَ الْعَلِيمُ) بالمصالح (الْحَكِيمُ) فيما يفعل ، والحكمة هي وضع الأشياء مواضعها.
روي أن يعقوب سأل يوسف عن ماذا صنع الأخوة به؟ فقال يوسف : يا أبة لا تسألني عن صنيع إخوتي بي ، وسل عن صنع الله بي.
[١٠٢] ثم يتوجه يوسف إلى الله سبحانه ، يشكره ما أنعم عليه ، ويعدد لطفه به ، ويسأله حسن الخاتمة ، قائلا يا (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ) أي بعض ملك الدنيا وسلطانها (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) تفسير المنامات ، بما تؤول إليه ، أنت ربي (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خالقها ومبدعها ، فلك الخلق ومنك الأمر والفضل (أَنْتَ) دون سواك (وَلِيِّي) الذي يتولى كل شؤوني ، كما تولى خلق السماوات والأرض (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) تتولى في الدنيا إصلاح حالي ، وفي الآخرة سعادتي ونجاتي (تَوَفَّنِي) يا رب ، أي خذ روحي ـ وقت موتي ـ (مُسْلِماً) لك في جميع