وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤)
____________________________________
(وَقَرَّبْناهُ) إلينا في حال كونه (نَجِيًّا) نناجيه بكلام خفي لا يسمعه غيره ، فقد كان القرب إلى هذا الحد حد المناجاة والإسرار في الأذن ، لكن المراد ليس القرب المكاني ـ فإنه سبحانه منزه عن المكان ـ وإنما القرب المعنوي الذي هو عبارة عن جعل نفس موسى عليهالسلام بحيث يتمكن من تلقي كلام الله سبحانه ، ثم إن من المعلوم ، إن الله لا يكلم باللسان ـ لأنه منزه عن الجسم وعوارضه ـ وإنما يخلق الصوت ، فيسمعه من كملت نفسه ، وأراد سبحانه إسماعه.
[٥٤] (وَوَهَبْنا لَهُ) أي لموسى (مِنْ رَحْمَتِنا) وتفضلنا عليه (أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) فأنعمنا على موسى بجعل هارون نبيا ، يشد أزره ويساعده في الدعوة ، إجابة لدعائه ، حيث قال (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (١).
[٥٥] (وَاذْكُرْ) يا رسول الله (فِي الْكِتابِ) أي القرآن (إِسْماعِيلَ) بن حزقيل ، كما ورد في الأحاديث ، لا إسماعيل بن إبراهيم الخليل (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) إذا وعد وفي ، ولو طالت المدة ، فقد ورد عن الصادق عليهالسلام إنه إنما سمي صادق الوعد ، لأنه وعد رجلا في مكان ، فانتظره في ذلك المكان سنة ، فسماه الله عزوجل صادق الوعد ثم إن الرجل أتاه بعد ذلك ، فقال له إسماعيل ما زلت منتظرا لك (٢).
أقول : ليس معنى ذلك إن إسماعيل لم يعمل عملا في تلك
__________________
(١) طه : ٣٠ ـ ٣٣.
(٢) الكافي : ج ٢ ص ١٠٥.