بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) تِلْكَ
____________________________________
المطيعين (بِالْغَيْبِ) أي وعدهم ، بما هو غائب عن حواسهم ، ولعل ذكر هذا الوصف ، لمدح المؤمنين بالجنة حيث أن العامل للغيب أكثر تحسينا من العامل لما يراه حاضر عنده ، أو لوصف الجنة ، كأنه يقال ، إن ما وعدتم به غائب لا تدرون ما هو؟ (إِنَّهُ) تعالى (كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) يأتي بالتأكيد ، ولا خلف فيه ، والمراد ب «وعده» أي ما وعد به ، أقيم المصدر مقام المفعول ، أو المراد وقت وعده.
[٦٣] (لا يَسْمَعُونَ) أي لا يسمع المؤمنون (فِيها) في تلك الجنات (لَغْواً) كلاما بلا ثمر ، سواء كان من قبيل السب والاستهزاء ، أم من قبيل الكلمات التي لا فائدة فيها (إِلَّا سَلاماً) حيث يسلم الملائكة عليهم ، ويسلم بعضهم على بعض ، وهذا الاستثناء منقطع ، كأنه قال «لا يسمعون فيها شيئا إلا سلاما ولا يسمعون اللغو» والاستثناء من باب المثال ، وإلا فهناك يتكلم بعضهم مع بعض ، أو المراد بالسلام كل كلام فيه سلامة من الباطل واللغو والإيذاء وما أشبه ، فالمراد «السلام» وصفا ، لا لفظا (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها) في تلك الجنات (بُكْرَةً) صباحا (وَعَشِيًّا) مساء ، فإن ذينك الوقتين ، يتعارف فيهما الأكل لهم ، وإلا فلهم ما يشتهون في كل وقت (أُكُلُها دائِمٌ) (١) ثم إنه لا عشاء هناك ، إذ لا ليل ، وإنما ذلك من باب التشبيه.
[٦٤] (تِلْكَ) التي ذكرت أوصافها ، بالخلود ، والتعدد ، والسلام ، ووفرة
__________________
(١) الرعد : ٣٦.