وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤) قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥)
____________________________________
القلب ، وعملا بالجوارح ، وإنما يحتاج إلى رسوخ الإيمان والتحلي بنور الهداية ، وإنما العقيدة والعمل مقدمتان له ومهيئان الجو لإشراقه.
[٨٤] ثم إن الله سبحانه إنجازا لما وعد به موسى عليهالسلام ، من إعطائه الكتاب الذي فيه أحكامه ، فقد انقطع القوم عن أحكام فرعون وأنظمته ، واحتاجوا إلى أنظمة لحياتهم ، ودستور لعملهم ، أمر موسى عليهالسلام أن يأتي إلى الطور مع جماعة من قومه ، وصام موسى أربعين يوما مقدمة لذلك ، حتى تصفو نفسه ، وتستعد لهذا اللقاء ، ولما أتم الصيام تعجل للذهاب إلى الجبل ، في حين كان القوم بعد في سفح الجبل ، فقال له سبحانه (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى) أيّ شيء صار سببا لأن تتقدم على القوم وتصعد قبلهم؟ وحيث أن عجل أشرب معنى التجاوز عدي ب «عن».
[٨٥] (قالَ) موسى عليهالسلام في الجواب (هُمْ) القوم (أُولاءِ) جمع الذي ، أي هم الذين (عَلى أَثَرِي) من ورائي يدركونني عن قريب (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ) يا (رَبِّ لِتَرْضى) أي لتزداد رضا عني أو لتعجل الرضى عني.
[٨٦] (قالَ) الله تعالى (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ) أي امتحناهم ليظهر قدرهم ، فإن الإنسان إذا ألف عادة أشكل عليه الإقلاع عنها (مِنْ بَعْدِكَ) أي من بعد مجيئك إلى الطور ، وقد كان غياب موسى عليهالسلام عن قومه أربعين ليلة (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) فقد كانت نفوس القوم تألف الوثن ، ولذا لما جاوزوا البحر أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، قالوا : يا موسى