وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤) وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ
____________________________________
المجرمين ، ويثبت المطيعين ، الذي أنزل القرآن ليكون درسا وتذكرة (وَ) قد كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا نزل عليه القرآن بادر بقراءته قبل تمام نزول الآية ، فأنزل سبحانه (لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ) قراءة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) أي يتم الوحي ، بل أصبر حتى يتم جبرائيل ما جاء به ثم اقرأ ما جاء ، وقضى بمعنى تم ، كما قال سبحانه : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) (١) (وَقُلْ) يا رسول الله ، يا (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) فإن العلم هو الاطلاع على الكون ما سبق وما حضر وما يأتي ، وذلك من أوسع الأمور ، فالإحاطة به غير ميسور لغير الله سبحانه ، وهو الذي هيأ الأسباب للبشر لتعلم بعضها ، ولذا يأمر الله الرسول ، بأن يدعو للزيادة في العلم ، فإنه كلما زاد علم الإنسان ، زادت قيمته وأجره وقربه من الله سبحانه ـ فيما لو عمل بما علم ـ
[١١٦] وبمناسبة مبادرة الرسول في تلاوة القرآن قبل أن يقضى إليه وحيه خوف النسيان ، كما في سورة أخرى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٢) يأتي الكلام حول نسيان آدم عليهالسلام ما عهد الله معه ، (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ) بأن لا يأكل من الشجرة إن أحب البقاء في الجنة ، وقلنا له : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) (٣) (مِنْ قَبْلُ) أي سابقا (فَنَسِيَ) العهد ، إما حقيقة ، أو المراد أنه ترك العهد ، فكان كالناسي ، من قبيل (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (٤) وهذا أقرب إلى الاعتقاد بأن
__________________
(١) النساء : ١٠٤.
(٢) الأعلى : ٧.
(٣) طه : ١١٩ و ١٢٠.
(٤) التوبة : ٦٧.