ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (١٢٢) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ
____________________________________
فإن الغواية ضلال الطريق ، وهو كما يصح في مخالفة الوجوب ، يصح في مخالفة الإرشاد ، فإن الأكل من الشجرة سبب أن يخرج من الجنة ، وأي ضلال عن السعادة أكبر من هذا؟
[١٢٣] فندم آدم مما فعله وعرف أن الشيطان غره وحلف بالله كاذبا ، فأخذ يتوب ويبكي (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ) أي اصطفاه واختاره لأن يكون نبيا وغفر ذنبه في مخالفته للأمر الإرشادي (فَتابَ عَلَيْهِ) التوبة هي الرجوع ، فإن الإنسان العاصي يبتعد عن الله ، والله سبحانه يعرض عنه ، فإذا ندم الإنسان واستغفر ، وتاب إلى الله ، تاب الله عليه ورجع إليه (وَهَدى) أي هداه لمصالحه ، وأراه الطريق الموجب لعودته إلى الجنة ، بعد ما غوى وضل الطريق.
[١٢٤] (قالَ) الله سبحانه (اهْبِطا) أيها الفريقان فريق آدم وحواء ، وفريق الشيطان (مِنْها) أي اخرجا من الجنة (جَمِيعاً) كلكم ، والهبوط إما باعتبار علو الجنة حسا عن الأرض ، وإما باعتبار علوها رتبة (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) فإن الشيطان عدو لآدم وحواء ، وهما عدوان له ، وباعتبار آخر ، أن الرجل والمرأة أيضا عدو بعضهم لبعض (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) «إن» للشرط و «ما» زائدة لتجميل الكلام ، أي إن أتاكم من طرفي أسباب الهداية ، بأن أمرتكم بأوامر تهديكم إلى طريق الحق في الدنيا ، والسعادة في الآخرة (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ) وأخذ