إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١)
____________________________________
نحو الشيء لأن الإنسان يتصل بذلك الشيء بواسطة إلقاء شعاع عينه عليه ، وإن قلنا في مسألة الرؤية بالانطباع ـ (إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ) الضمير يعود إلى «ما» (أَزْواجاً) أصنافا (مِنْهُمْ) من البشر أو من الكفار ، والمعنى لا ترغب في الجاه والمال والبنين التي متع بها الناس ، فإنها أمور زائلة فانية ، ولا ينبغي للإنسان أن يرغب فيها ، فإنما هي (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) الزهرة هي النور الذي يرون عند الرؤية ، ولذا يقال لكل شيء مستنير زاهر ، ونصبها على كونها حالا من «ما» أي أن ما متعنا القوم ، إنما هي بهجة الحياة العاجلة ونضارتها (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) أي نمتحنهم بسببه ، والضمير يعود إلى «ما» وجيء ب «في» لأن الإنسان يعيش في وسط تلك البهجة والنضارة.
وليس المعنى أن لا يرغب الإنسان في الحياة ، بل المعنى أن لا يجعل الحياة منتهى نظره ـ بل ينظر إليها نظرا عرضيا ، ولذا قال سبحانه : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) (١) (وَرِزْقُ رَبِّكَ) الذي وعدك في الآخرة (خَيْرٌ) من متعة الحياة الدنيا (وَأَبْقى) أي أكثر بقاء لأن الحياة الدنيا فانية ، وتلك الحياة باقية ، أو أن المراد ، أن متع الكفار من الحرام ، ورزق الله من الحلال خير لعدم العقاب فيه ، وأبقى لأنه ذو بركة وبقاء بخلاف الحرام الذي لا بركة فيه ، كما قال سبحانه : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (٢)
__________________
(١) البقرة : ٢٠٢.
(٢) البقرة : ٢٧٧.