فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ
____________________________________
حكيمان فلا يتخالفان في الإرادة.
فلو فرضنا ـ مستحيلا ـ أن هناك إلهين ، كان اللازم أن يستقل كل في مراده ، وذلك مستلزم للفساد إذ يريد هذا المطر ، وذاك عدمه مثلا ، فيتنازعان مما يؤدي إلى فساد العالم (فَسُبْحانَ) أي أنزه (اللهُ) تنزيها عما لا يليق به (رَبِّ الْعَرْشِ) أي مالك الكون ، فإن العرش كناية عن الملك ، وهناك عرش عظيم جدا ، هو الله مالكه ، وقد جعله موضع تشريفه للملائكة ، كما جعل البيت الحرام موضع تشريفه للبشر (عَمَّا يَصِفُونَ) الله به ـ هؤلاء الكفار ـ من الشريك ، فيقولون إن الله متصف بأن له شريك.
[٢٤] إنه تعالى لكون جميع أفعاله عن حكمة وصواب وصلاح (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) أي ليس له شأنية أن يسأل ، إذ الحكيم لا يسأل عنه : لم تفعل؟ فهو من قبيل «لا ريب فيه» الذي كان معناه ليس بموضع ريب وإن ارتاب فيه المبطلون (وَهُمْ) أي البشر أو الكفار (يُسْئَلُونَ) عما فعلوا لأنهم عبيد مملوكون يخطئون كما يصيبون ، والمخطئ يسأل ويحاسب.
[٢٥] وبعد أن استدل القرآن على بطلان التعدد ، يأتي السياق ليسأل القائلين بذلك : ما دليلهم؟ فمن ادعى شيئا لا بد وأن يقيم له الدليل ، وهؤلاء المشركون لا دليل لهم على ذلك ، حتى الدليل الواهي (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) أي بل اتخذوا لله شركاء (قُلْ) يا رسول الله لهم (هاتُوا) أي ائتوا (بُرْهانَكُمْ) ودليلكم على تعدد الآلهة ، لكنهم لا يأتون