وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣) وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤)
____________________________________
شِهابٌ ثاقِبٌ) (١) (وَهُمْ) أي البشر (عَنْ آياتِها) الكائنة فيها (مُعْرِضُونَ) فلا يستدلون بها على المؤثر العالم القدير.
[٣٤] (وَهُوَ) الله (الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) فإن الظلمة شيء مخلوقة بنفسها أو بخلق ضدها ، وهي الضياء (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) وخصصا بالذكر مع أن الشمس هي المولدة للنهار ، لعدم التلازم كما إذا سكنت الكرات فإن الشمس موجودة ولا نهار ولا ليل بهذه الكيفية الحالية (كُلٌ) من الشمس والقمر (فِي فَلَكٍ) أي مدار خاص به (يَسْبَحُونَ) تشبيه بالإنسان السابح في الماء ، وإنما جيء بلفظ العاقل حيث قال : يسبحون. لأنه نسب إليهم فعل العقلاء وهو السباحة ولعل لهما عقلا ، ولذا ورد في الدعاء خطابا للقمر «أيها الخلق المطيع» ـ إلى آخره ـ.
[٣٥] إن الذي خلق الكون هو الذي خلق الحياة والموت ، ولا منجي لبشر من الموت ، فليحسن البشر في حال الحياة ، حتى لا يأتيه الموت ، وقد أسرف مما يسبب له سوء العاقبة (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ) يا رسول الله (الْخُلْدَ) أي الخلود والدوام في الدنيا ، والخضر وعيسى أيضا ليسا من الخالدين ، وإن امتدت بهما الحياة إلى مدة بعيدة (أَفَإِنْ مِتَ) يا رسول الله أنت (فَهُمُ الْخالِدُونَ)؟ استفهام إنكار ، يعني إن انتظار هؤلاء لموتك غير صحيح إذ أنهم يموتون فما فائدة موتك لهم ، حينما
__________________
(١) الصافات : ١١.