أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ
____________________________________
الأعداء لها حتى تكون خرائب بعد العمران ، ومغلوبة بعد الغلبة والنصر ، أفهل من يقدر على ذلك لا يقدر على أن يسلب النعمة والحياة من هؤلاء؟ (أَفَلا يَرَوْنَ) أي ألا يرى هؤلاء الكفار الذين أفسدهم العمر الطويل في النعمة الموروثة (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أي نتوجه إلى أرض الحكومات وبلادهم (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) فمن طرف خراب للعمران ، ومن طرف ذهاب بعدوان ، وهذا كما يقال إن الدولة الإسلامية تقلصت ، أو أن المسلمين نقصوا من أرض الكفار (أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) استفهام إنكاري ، أي فهل بعد عدم قدرة الدول على أن تمنع مشيئتنا حول أراضيها ، هم يتمكنون من الامتناع عن قدرتنا ، فيغلبون علينا في إرادتنا.
[٤٦] (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء الكفار (إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) أي بما يوحي إلي ، بأنكم إذا لم تؤمنوا يأخذكم العذاب ، ثم أضرب سبحانه بقوله (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ) الصم جمع أصم ، فإن الأصم لا يسمع نداء المنادي له ، وهؤلاء كالأصم ، فإنهم لا يسمعون الإنذار ، ولا يعيرون له الاهتمام (إِذا ما يُنْذَرُونَ) أي في حال إنذارهم وتخويفهم.
[٤٧] إن هؤلاء الكفار ـ اليوم ـ لا يعيرون الإنذار اهتماما ، أما إذا جاءهم شيء ضئيل من العذاب اعترفوا بأنهم كانوا في ضلالة (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ) مجرد مس ، وهو المرور على ظاهر الجسم (نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ)