المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١) اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ
____________________________________
[٢] (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) من جنس «الف ، لام ، ميم ، راء» آيات القرآن الحكيم ، فإن الآيات مركبة من هذه الحروف التي يتلفظ بها كل الناس ، ولكنهم هيهات أن يتمكن أفراد البشر أن يأتوا بحيوان واحد يركبونه من الأجزاء المذكورة فيصير حيوانا ، وعلى هذا ف «المر» مبتدأ ، وتلك آيات الكتاب ، خبره ، واسم الإشارة «تلك» إشارة إلى هذه الحروف وما أشبهها ، أو أن «المر» رمز بين الله وبين الرسول ، أو غير ذلك من الأقوال البالغة أربعة عشر قولا ، في فواتح السور ، وعلى هذا ف «تلك» مبتدأ ، خبره «آيات الكتاب» أي أن هذه التي بين يديك ، أيها القارئ هي آيات الكتاب ، وإنما جيء بلفظ البعيد ، إشارة إلى بعد الآيات مقاما ، وعلوها شأنا ، عن قرب الناس ، كما تقول : ذلك الفقيه يقول ، وليس بينك وبينه فاصل ، وإنما تأتي «بذلك» إشارة إلى رفعة الفقيه منزلة ، حتى كأنه بعيد عنك ، لا تناله أنت ـ كما ذكروا في علم البلاغة ـ (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ) أي القرآن الذي أنزل (مِنْ رَبِّكَ) هو إليك (الْحَقُ) «خبر» لقوله و «الذي» فإنه مطابق للواقع لا انحراف فيه ولا زيغ (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) أي لا يصدقون ، مع أنهم يرون أن القرآن حق.
[٣] ثم يبدأ سبحانه بإله الكون ، وأنه هو الذي جعل الكون بما فيها من الآيات المدهشة ، ثم يأتي دور التعجب من الذين ينكرون البعث (اللهُ) هو (الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ) أي جعلها رفيعة ، وأيّا كانت السماوات ، سواء هي المدارات ، أم أجسام ضخام ، أم المراد جهة